(الفصل الرابع) في ذكر بعض مناقبه وفضائله عليه السلام كان عليه السلام قد بلغ في كمال العقل والفضل والعلم والحكم والأدب - مع صغر سنه - منزلة لم يساوه فيها أحد من ذوي السن من السادات وغيرهم، ولذلك كان المأمون مشغوفا به لما رأى من علو رتبته وعظم منزلته في جميع الفضائل، فزوجه ابنته أم الفضل، وحملها معه إلى المدينة، وكان متوفرا على تعظيمه وتوقيره وتبجيله.
وروي عن الريان بن شبيب: أن المأمون لما أراد أن يزوجه ابنته استكبر ذلك جماعة العباسية، وخاضوا في ذلك، وقالوا للمأمون: ننشدك الله أن تقيم على هذا الامر الذي عزمت عليه من تزويج ابن الرضا، فإنا نخاف أن تخرج به عنا أمرا قد ملكناه الله! وتنزع عنا عزا قد ألبسناه الله وقد كنا في وهلة من عملك مع الرضا حتى كفانا الله المهم من ذلك!
فقال المأمون: والله ما ندمت على ما كان مني من استخلاف الرضا، ولقد سألته أن يقوم بالامر وانزعه من عنقي فأبى، وكان أمر الله قدرا مقدورا، وأما أبو جعفر فقد اخترته لتبريزه على كافة أهل الفضل مع صغر سنه والأعجوبة فيه بذلك.
فقالوا له: إنه صبي لا معرفة له، فأمهله ليتأدب ويتفقه في الدين ثم اصنع ما تراه.
فقال لهم: ويحكم، إني أعرف بهذا الفتى منكم، وإن أهل هذا البيت علمهم من الله تعالى ومواده وإلهامه، ولم يزل آباؤه أغنياء في علم الذين والأدب عن الرعايا الناقصة عن حد الكمال، فإن شئتم فامتحنوا أبا