ومنا حكم يقضي ولا ينقض ما يقضي (1) فهذا طرف يسير مما ذكر من المعمرين، وفي إيراد أكثرهم إطالة في الكتاب، وإذا ثبت أن الله سبحانه قد عمر خلقا من البشر ما ذكرناه من الأعمار، وبعضهم حجج الله تعالى وهم الأنبياء، وبعضهم غير حجة، وبعضهم كفار، ولم يكن ذلك محالا في قدرته، ولا منكرا في حكمته، ولا خارقا للعادة، بل مألوفا على الاعصار، معروفا عند جميع أهل الأديان، فما الذي ينكر من عمر صاحب الزمان أن يتطاول إلى غاية عمر بعض من سميناه، وهو حجة الله تعالى على خلقه، وأمينه على سره، وخليفته في أرضه، وخاتم أوصياء نبيه صلى الله عليه وآله وسلم وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: " كل ما كان في الأمم السالفة فإنه يكون في هذه الأمة مثله حذو النعل بالنعل، والقذة بالقذة " (2) هذا وأكثر المسلمون يعترفون ببقاء المسيح عليه السلام حيا إلى هذه الغاية، شابا قويا، وليس في وجود الشباب مع طول الحياة - إن لم يثبت ما ذكرناه - أكثر من أنه نقض للعادة في هذا الزمان، وذلك غير منكر على ما نذكره.
والامر الاخر أن نسلم لمخالفينا أن طول العمر إلى هذا الحد مع وجود الشباب خارق للعادات - عادة زماننا هذا وغيره - وذلك جائز عندنا وعند أكثر المسلمين، فإن إظهار المعجزات عندهم وعندنا يجوز على من ليس بنبي، من إمام أو ولي، لا ينكر ذلك من جميع الأمة إلا المعتزلة والخوارج، وإن سمى بعض الأمة ذلك كرامات لا معجزات، ولا إعتبار بالأسماء، بل المراد