(الفصل الرابع) في ذكر طرف من مناقبه وخصائصه ونبذ من أخباره عليه السلام محمد بن يعقوب، عن رجاله قالوا: كان أحمد بن عبيد الله بن خاقان على الضياع والخراج بقم، وكان شديد النصب والانحراف عن أهل البيت، فجرى في مجلسه ذكر العلوية يوما فقال: ما رأيت ولا عرفت من العلوية مثل الحسن بن علي بن محمد بن الرضا في هديه وسكونه، وعفافه ونبله وكرمه عند أهل بيته وبني هاشم كافة، وتقديمهم إياه على ذوي السن منهم والخطر، وكذلك كانت حاله عند القواد والوزراء وعامة الناس، وأذكر أني كنت يوما قائما على رأس أبي إذ دخل حجابه فقالوا: أبو محمد ابن الرضا بالباب، فقال بصوت عال: إئذنوا له، فتعجبت من جسارتهم أن يكنوا رجلا بحضرة أبي ولم يكن يكنى عنده إلا خليفة أو ولي عهد أو من أمر السلطان.
فدخل رجل أسمر، حسن القامة، جميل الوجه، حديث السن، له جلالة وهيئة حسنة، فلما نظر إليه قام يمشي إليه خطا - ولا أعلمه فعل هذا بأحد من بني هاشم والقواد - فلما دنا منه عانقه وقبل وجهه وصدره، وأخذ بيده وأجلسه على مصلاه الذي كان عليه، وجلس إلى جنبه مقبلا عليه بوجهه، وجعل يكلمه ويفديه بنفسه، وأنا متعجب مما أرى منه، إذ دخل الحاجب فقال: الموفق (1) قد جاء.