كان ذلك غير واجب علينا في حكم النظر والاعتبار.
فنقول: الوجه في غيبته عليه السلام هو خوفه على نفسه، ومن خاف على نفسه احتاج إلى الاستتار، فأما لو كان خوفه على ماله أو على الأذى في نفسه لوجب عليه أن يتحمل ذلك كله لتنزاح علة المكلفين في تكليفهم، وهذا كما نقوله في النبي في أنه يجب عليه أن يتحمل كل أذى في نفسه حتى يصح منه الأداء إلى الخلق ما هو لطف لهم، وإنما يجب عليه الظهور وإن أدى إلى قتله كما ظهر كثير من الأنبياء وإن قتلوا، لان هناك كان في المعلوم أن غير ذلك النبي يقوم مقامه في تحمل أعباء النبوة، أو أن المصالح التي كان يؤديها ذلك النبي قد تغيرت، وليس كذلك حال إمام الزمان عليه السلام، فإن الله تعالى قد علم أنه ليس بعده من يقوم مقامه في باب الإمامة والشريعة على ما كانت عليه، واللطف بمكانه لم يتغير، ولا يصح تغيره، فلا يجوز ظهوره إذا أدى إلى القتل.
وإنما كان آباؤه عليهم السلام ظاهرين بين الناس يفتونهم ويعاشرونهم، ولم يظهر هو لان خوفه عليه السلام أكثر، فإن الأئمة الماضين من آبائه عليهم السلام أسروا إلى شيعتهم أن صاحب السيف هو الثاني عشر منهم، وأنه الذي يملأ الأرض عدلا، وشاع ذلك القول من مذهبهم حتى ظهر ذلك القول بين أعدائهم، فكانت السلاطين الظلمة يتوقفون عن إتلاف آبائه لعلمهم بأنهم لا يخرجون بالسيف، ويتشوقون إلى حصول الثاني عشر ليقتلوه ويبيدوه.
ألا ترى أن السلطان قي الوقت الذي توفي فيه العسكري عليه السلام وكل بداره وجواريه من يتفقد حملهن لكي يظفر بولده ويفنيه؟
كما أن فرعون موسى لما علم أن ذهاب ملكه على يد موسى عليه السلام منع الرجال من أزواجهم، ووكل بذوات الأحمال منهن ليظفر به.