فمن ذلك الوضوء الذي لا صلاة بالاجماع بدونه لأن الرسول (ص) قال لا صلاة إلا بوضوء والله تعالى يقول في كتابه (يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين (1) ففرض الله تعالى للوضوء أربعة حدود، حدان منها غسل، وحدان منها مسح، فدعا الثاني الناس إلى غسل الرجلين ومنع من مسحهما فأفسد على الناس وضوءهم وبفساد الوضوء قد فسدت الصلاة، ثم تخرص أولياءه وأنصاره فرووا روايات كاذبة لبسوا بها على أهل الغفلة من العوام وزعموا في ذلك تخرصا وافتراء أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم قال خللوا الأصابع من اليدين والرجلين قبل تخللهما النار، وأنه قال ويل للأعقاب من النار، فانقاد لهذه الرواية جمهور العوام والجهلة والأغنام ومحال عند ذوي الفهم أن يوجب الله فرضا في كتابه فيخالفه الرسول (ص) ويضاده ويبطله وذلك أن الله تعالى قال في فريضة الوضوء (وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين) على ما يقرأ الناس (ومن الكعبين) عند قوم آخرين ولا خلاف عند ذوي المعرفة أن الكعب هو المفصل الذي بين مقدم الساق والقدم وأن العقب هو الذي في مؤخر الساق وبينه وبين الكعب نحو أربع أصابع فكيف يجوز أن يكون الله يحد له حدا أو فريضة من أجل الفرائض
(٢٤)