وأشنع من طلب ورثة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بإقامة البينة على تركة الرسول أنها لهم مع شهادة الله لورثة الرسول بإزالة جميع الباطل عنهم وذلك كله بحكم الاسلام في أيديهم وقد رووا أن الرسول (ص) قال نحن أهل بيت لا تحل علينا الصدقة، فيجوز لمسلم أن يتوهم على أهل بيت الرسول عليهم السلام أنهم طلبوا شيئا من الحرام، هذا مع ما أخبرهم الله بتطهيرهم من الرجس كلا، وقد دل القوم أن الرسول (ص) قال ما تركناه فهو صدقة على أن المنازعة جرت بينهم وبين أهل البيت في التركة فلا يخلو أهل بيت الرسول (ع) من أن يكونوا طلبوا الحرام بالباطل فيلزم عند ذلك تكذيب الله تعالى فيما أخبر به من تطهيرهم من ذلك وإما أن يكونوا طلبوا الحق فقد ثبت ظلم من منعهم من حقهم ولا يبعد الله إلا من ظلم وتعدى وغشم هذا مع تكذيب الله لهم فيما ادعوه من صدقة تركة الرسول وأن الأنبياء لا يورثون إذ يقول الله في كتابه (وورث سليمان داود) وقال فيما أخبر به عن زكريا أنه قال (فهب لي من لدنك وليا يرثني ويرث من آل يعقوب واجعله رب رضيا) فأخبر الله بميراث أنبيائه وزعم واضع الخبر المتخرص أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم قال (نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه فهو صدقة) ولعمري لقد كان واضع الخبر ومتخرصه جاهلا كتاب الله إذ لم يعلم ما فيه من تكذيب خبره وذلك من امتنان الله على المؤمنين في كشف باطل المبطل ولو كان واضع الخبر جعل ما تخرصه في تركة الرسول (ص) منسوبا إلى رسولنا خاصة دون غيره من الأنبياء لدخلت شبهة على كثير من الناس العارفين فضلا عن الاعجام وجمهور الأعوام ولكن الله أعمى قلبه وسمعه حتى قال فيما اخترصه من ذلك كله ما يكذبه كتاب الله وقد اضطر جهال من العوام وأهل الجدل في نصرة الظلمة إلى أن قالوا إن سليمان إنما ورث من داود النبوة وكذلك يحيى من زكريا، وهذا منهم غاية الجهل والاختباط والغفلة والإفراط فإن النبوة لو كانت مما يورث لم يكن على
(١٣)