على الرغم من ندم الخليفة عمر على تعطيله لحكم الله، وعلى إلغائه لسنة رسول الله، وإعلانه صراحة لهذا الندم، واعترافه بخطأ ما فعل أو اجتهد برأيه: فإنهم بعد مماته أخذوا يزدادون بحب الرجل، ويلتمسون له أعذارا عجيبة لا يقرها العقل!!.
يقول القوشجي في معرض اعتذاره عن رفع سنة الله التي تأمر بالمساواة بين الناس في العطاء، وإعطاء خمس الخمس لبني هاشم وبني عبد المطلب، وإحلال سنة عمر التي تقضي بالمفاضلة بدلا من المساواة بين الناس، ومنع الهاشميين حقهم، يقول:.
وأجيب عن هذه الوجوه بأن ذلك ليس مما يوجب قدحا فيه، فإنه من قبيل مخالفة المجتهد لغيره في المسائل الاجتهادية (1)!!.
عندما آلت الخلافة إلى عمر قرر العدول عن اجتهاد الرسول، وإيجاد اجتهاد بديل عنه، رأى، عمر أنه أفضل!! وهذا العمل لا يشكل قدحا في عمر بأي وجه من الوجوه: لأنه من قبيل مخالفة مجتهد (وهو عمر) لمجتهد آخر وهو (رسول الله)!! ولا حرج على عمر من مخالفته لرسول الله، لأن كليهما مجتهد!!! (2).
قال ابن أبي الحديد: لم يخرج عمر بحكمه عن طريق الاجتهاد، وما أدى إليه اجتهاده!!
وقال في معرض اعتذاره عن تخلف أبي بكر وعمر عن جيش أسامة: إن الرسول كان يبعث السرايا عن اجتهاد لا عن وحي يحرم مخالفته (3) وباختصار، لقد تحولت تلك الإشاعة إلى قناعة عامة، وصار الرسول مجرد مجتهد، ليس إلا، ومن حق الخليفة في أي زمان - حسب رأيهم - أن يأتي باجتهاد يغاير اجتهاد الرسول، ويبدو أن مزية التنافس بين النبي المجتهد وبين غيره محصورة بالخلفاء الثلاثة أبي بكر وعمر خاصة، وعثمان بدرجة أقل، وبمستوى أدنى ملوك بني أمية، بوصفهم صحابة كرام!!!.
وأخيرا برأيهم أن النبي (ص) مجتهد، والقاعدة العامة تقول: إن المجتهد مأجور أخطأ أم أصاب، والفرق أن المصيب له أجران وللمخطئ أجر واحد، ومن حق المجتهد، أي مجتهد كان ، أن يخالف مجتهدا آخر!! (4).
والأهم من ذلك أن الاجتهاد وارد حتى في العبادات - حسب رأيهم -، فزيادة الأذان الثالث