رجال تركوا بصمات على قسمات التاريخ - السيد لطيف القزويني - الصفحة ٦٢
حكمه على الرجال، والنيل من علي بن أبي طالب وأهل بيته، وإبراز مظلومية أعداء الله، ورفع خامل ذكرهم، إذ من الثابت أن رسول الله (ص) قد لعن أعداء الله، وبالذات الكثير من قادة هذا التحالف، كما يروي البخاري والسيوطي والترمذي، والنسائي، وأحمد، وابن جرير، والبيهقي، ونصر بن مزاحم، والحلبي، راجع بعث أسامة في كل السير، تجد أن رسول الله قد لعن الذين يتخلفون عن جيش أسامة.
ومن جملة الذين لعنهم رسول الله: هم أبو سفيان، ومعاوية، وأخوه يزيد، والحكم بن العاص، و... إلخ: ممن تخلفوا عن جيش أسامة.
بموجب هذه الشائعة، فإن الذين لعنهم رسول الله صاروا مطهرين أو زاكين!!، وهكذا فاقوا منزلة أهل البيت (ع)، الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا!!.
وإذا كانت لقول الرسول بعلي وأهل بيته قيمة، فلماذا لا تكون لقوله هذا بقادة التحالف قيمة، وهذا يعزز الشائعة الأولى، التي أطلقها قادة التحالف بضرورة عدم حمل كلام الرسول (ص) على محمل الجد، وبالتالي عدم جدوى كتابته.
ثالثا - وروى البخاري:
إن بعض اليهود سحروا رسول الله، حتى ليخيل إليه أنه يفعل الشئ وما فعله!!.
وهذا قمة التشكيك في كل ما يصدر عن رسول الله (ص)، وما يعني التحالف بالدرجة الأولى، ما صدر ويصدر عنه (ص) بالأمور المتعلقة برئاسة الدولة، وبالمكانة الخاصة التي تصوروا أن رسول الله قد خص بها أهل بيته الكرام (ع).
رابعا - لقد طلب عمر بن الخطاب من الناس أن يأتوه بما عندهم من أحاديث الرسول المكتوبة، وظن الناس أنه يريد أن يجمعها ويأمر بكتابتها من جديد فأتوه بها، فلما وضعت بين يديه أمر بحرقها، وحرقت فعلا (1)!!.
ولم يكتف بذلك، إنما نهى الناس عن الحديث، وفرض على المحدثين الإقامة الجبرية، وحبس بعضهم بجرم التحديث عن رسول الله!! (2). وما ذلك إلا لأن عمر مقتنع أن القرآن الكريم وحده يكفي، ولا حاجة لما قاله الرسول (ص) أو ما سيقوله، حتى وإن كان الرسول موجودا!! (3).
وجاء عثمان فسار على سيرة صاحبيه، حيث استهل عهده بإصدار أمر، مفاده أنه (لا يحل

١ - طبقات بن سعد ٥ / ١٤٠ ترجمة محمد بن أبي بكر.
٢ - راجع الخطط السياسية لتوحيد الأمة الإسلامية ص ٣٠٢ وما فوق.
٣ - راجع نظرية عدالة الصحابة والمرجعية السياسية في الاسلام ص 287 وما فوق: تجد توثيق تلك الواقعة وتفصيلها.
(٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 ... » »»