فكتب إليه: أما بعد فإني لو كتبت إليك آمرك أن تذبح شاة لكتبت إلي أجماء أم قرناء؟
أو كتبت إليك أن تذبح بقرة لسألتني ما لونها؟ فإذا ورد عليك كتابي هذا فأقسمها في ولد فاطمة (ع) من علي (ع)، والسلام، قال: فنقمت بنو أمية ذلك على عمر بن عبد العزيز و عاتبوه فيه إلى أن قال، قال رسول الله (ص): فاطمة بضعة مني يسخطني ما يسخطها، و يرضيني ما يرضيها، وإن عمر بن العزيز قال: إن فدكا كانت صافية على عهد أبي بكر وعمر ثم صار أمرها إلى مروان، فوهبها لعبد العزيز أبي فورثتها أنا وإخوتي عنه، فسألتهم أن يبيعوني حصتهم منها، فمن بائع وواهب حتى استجمعت لي، فرأيت أن أردها على ولد فاطمة،... الخ (1).
قال أبو بكر: حدثني محمد بن زكريا، قال: حدثني مهدي بن سابق قال: جلس المأمون للمظالم، فأول رقعة وقعت في يده نظر فيها وبكى، وقال للذي على رأسه، ناد: أين وكيل فاطمة؟ فقام شيخ عليه دراعة وعمامة وخف ثغري فتقدم، فجعل يناظره في فدك، والمأمون يحتج عليه وهو يحتج على المأمون، ثم أمر أن يسجل لهم بها، فكتب السجل و قرئ عليه فأنفذه (2).
إذن فالزهراء (ع) في مسألة فدك كانت - على رأي أبي بكر - تطالب بما ليس لها فيه حق، وهي بذلك تكون على أحد أمرين لا ثالث لهما أولهما: إنها كانت كاذبة - والعياذ بالله - تطمع بأخذ ما تعلم أنه ليس لها فيه حق!! وثانيها: إنها كانت جاهلة بالعلم الذي يعلمه أبو بكر، وقد التبست عليها أحكام الميراث!! ولا أحسب أننا بحاجة إلى تفنيد الاحتمال الأول.
وأما الثاني فقد تكفلت عليها السلام نفسها بتفنيده: حين واجهت أبا بكر وهو في حشد من المهاجرين والأنصار بالقول:... وأنتم الآن تزعمون أن لا وارث لنا ولا حظ:
أفحكم الجاهلية تبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يؤمنون (3).
أفي كتاب الله ترث أباك ولا أرث أبي؟ لقد جئت شيئا فريا، أعلى عمد تركتم كتاب الله ونبذتموه وراء ظهوركم، إذ يقول سبحانه: (وورث سليمان داوود) (4).
وقال فيما اقتص من خبر زكريا: (فهب لي من لدنك وليا يرثني ويرث من آل يعقوب واجعله رب رضيا) (5)... إلى قولها: أخصكم الله بآية أخرج أبي منها؟! أم أنتم أعلم بخصوص القرآن من أبي وابن عمي؟ أم تقولون أهل ملتين لا يتوارثان؟ (6).
وبإمكانك أن تراجع كنز العمال، والمسند لابن حنبل، والدر المنثور للسيوطي، وشرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد حول نزول: (وآت ذا القربى حقه)، فذهب الرسول الأعظم إلى ابنته فاطمة وقال: يا بنية، إن الله قد أفاء على أبيك بفدك، واختصه بها، فهي له خاصة