يأتي عليا وفاطمة كل غداة، فيقول: الصلاة، الصلاة، إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا (1).
روى ابن عباس قال: كنت أنا والعباس جالسين عند رسول الله (ص)، إذ دخل علي بن أبي طالب فسلم، فرد عليه رسول الله السلام، وقام إليه وعانقه وقبل بين عينيه و أجلسه عن يمينه، فقال العباس: يا رسول الله أتحب هذا؟ فقال رسول الله (ص):
يا عم والله، لله أشد حبا له مني، إن الله جعل ذرية كل نبي في صلبه، و جعل ذريتي في صلب هذا (2).
روي: إن النبي (ص) عاد فاطمة وهي مريضة، فقال لها: كيف تجدينك يا بنية؟ قالت:
اني لوجعة، وإنه ليزيدني أني مالي طعام آكله، قال: يا بنية، أما ترضين أنك سيدة نساء العالمين؟ قالت: يا أبت فأين مريم بنت عمران؟ قال: تلك سيدة نساء عالمها، وأنت سيدة نساء عالمك، أما والله لقد زوجتك سيدا في الدنيا والآخرة (3).
قالت عائشة: كنت جالسة عند رسول الله (ص) فجاءت فاطمة تمشي، كأن مشيتها مشية رسول الله (ص) فقال: مرحبا يا بنتي فأجلسها عن يمينه، أو عن شماله ثم أسر إليها شيئا فبكت، ثم أسر إليها، فضحكت، قالت قلت: ما رأيت ضحكا أقرب من بكاء، أستخصك رسول الله (ص) بحديثه ثم تبكين؟ قلت: أي شئ أسر إليك رسول الله (ص) قالت: ما كنت لأفشي سره، فلما قبض (ص) سألتها، قالت] ع [، قال: إن جبرئيل (ع) كان يعارضني في كل عام مرة، وإنه عارضني بهذا العام مرتين، ولا أراه إلا قد حضر أجلي، وإنك أول ] أهل [بيتي لحوقا بي، ونعم السلف أنالك، فبكيت لذلك، فقال: ألا ترضين أن تكوني سيدة نساء هذه الأمة أو نساء المؤمنين؟ قالت: فضحكت لذلك (4).
ولم تعش الزهراء طويلا بعد أبيها، وكما أخبرها (ص) أنها أول أهل بيته لحوقا به، فقد اختلف المؤرخون في المدة التي عاشتها فاطمة بعد أبيها، فذهب بعضهم إلى أنها عاشت خمسة وسبعين يوما، وذهب آخرون إلى أنها عاشت ثلاثة أشهر، وقال غيرهم:
إنها عاشت ستة أشهر، ولقد عاشت فاطمة هذه المدة الوجيزة صابرة محتسبة، قضتها بالعبادة والانقطاع إلى الله، كما ساهمت قضية الخلافة والبيعة مساهمة مؤلمة ومؤثرة في حياتها و وغيرها.
الطاهرة إلى الملكوت الاعلى صابرة محتسبا سلام الله عليها وهي غاضبة على الحكام الجدد في سلب حقها في قدك وغيرها، بعد أن كان رسول الله قد أعطاها إياها وتصدق بها عليها، وبما أفاء الله على أبيها (ص) بالمدينة ومن خمس خيبر.
فقد رفض أبو بكر أن يعطيها شيئا ورد شهادة على والحسنين (ع).