مظلوميتها، وكانت سببا مهما وبليغا في عروج روحها الطاهرة إلى الملكوت الأعلى صابرة محتسبة سلام الله عليها، وهي غاضبة على الحكام الجدد في سلب حقها في فدك وغيرها، بعد أن كان رسول الله قد أعطاها إياها وتصدق بها عليها، وبما أفاء الله على أبيها (ص) بالمدينة وبخمس خيبر، فقد رفض أبو بكر أن يعطيها شيئا، ورد شهادة علي والحسنين (ع).
قضية فدك:.
إن الحديث عن ميراث الزهراء (ع) طويل ومتشعب وذو شجون، ولابد لنا من الإحجام عن التوسع والإفاضة، ولكننا نلم به بما لا يمكن تجاوزه.
] فإن الله تعالى [اختص حبيبه محمدا (ص) بملكية قسم من الأموال ومن تلكم الأموال ما يصطلح عليه ب (الفئ)، وهو غنيمة أموال المشركين مصالحة، من غير حرب أو مشاركة، من مقاتلي المسلمين، فتكون خالصة لرسول الله (ص) وفقا لما وردت عليه في القرآن الكريم، حيث قال تعالى: (ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى، فلله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل...) (١).
وقد قذف الله الرعب في قلوب أهل فدك بعد أن فرغ النبي من خيبر، فصالحوه، فملك ما ملك منها خالصا له، لأنه لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب.
وفي شواهد التنزيل للحسكاني، وميزان الاعتدال للذهبي، ومجمع الزوائد للهيثمي، والدر المنثور للسيوطي، ومنتخب كنز العمال، واللفظ للأول عن أبي سعيد الخدري: لما نزلت (وآت ذا القربى حقه) (٢)، دعا النبي (ص) فاطمة وأعطاها فدكا.
ولما قبض رسول الله (ص)، وجلس أبو بكر مجلسه، بعث إلى وكيل فاطمة (ع) في أرض فدك فأخرجه منها، وصادر سائر ما أفاء الله على رسوله في المدينة، وما بقي من سهم رسول الله (ص) بخيبر.
ولتبيان آية الخمس وذوي القربى التي نزلت على الرسول (ص)، ينبغي لنا إيضاحها أولا، فقد نصت آية الخمس، على أن الخمس لله ولرسوله ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل، ولنقف الآن على كلمة (ذي القربى).
إن شأن ذي القربى، والقربى، وأولي القربى، في الكلام، شأن الوالدين فيه، فكما أن ذكر الوالدين أين ما جاء في الكلام قصد منه والدا المذكورين قبله، ظاهرا أو مضمرا، أو مقدرا، كذلك القربى، وأولوه وذووه.
فمثال المذكور منها ظاهرا قبله: ﴿ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين و لو كانوا أولي قربى﴾ (3).
فالمراد من أولي قربى هنا، هم أولو قربى النبي (ص)، وأولو قربى المؤمنين المذكورين ظاهرا قبل أولي قربى.
وأما المثال المذكور مضمرا فقوله تعالى: (وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى) (4).