ويطلبون النجاة لنفوسهم بأن يقاتلوا (الجماعة) الكافرة دون أدنى تحفظ قبل غيرهم أو قبل أنفسهم. إنهم خصوم ألداء لجمهور الأمة لا يسايرون النظام السائد للجماعة انفصاليون. فالفرد في حقيقة الامر يقوم بذاته. وعليه أن يؤمن إيمانا وثيقا بحقه في العقيدة الدينية السياسية. وعليه بذل غاية الوسع ليقول الحق (الأغاني) (16 / 157) ويثبت ذلك بالاعمال لا بالأقوال وحدها. ومن يشك في أنه على حق فهو كافر (الأغاني) (20 / 98 105). كذلك من انحرف في عمله عن الصراط المستقيم فهو كافر خصوصا إن عزم أن ذلك لا يمكن تجنبه في جميع الأحوال (الأغاني) (20 / 104). ومن زل زلة فقد مرق عن الاسلام ولا يجدد إيمانه إلا بتوبة علنية وردة قوية إلى الاسلام. وامتحان الايمان أمر مقرر لا يقتصر على امتحان المرء إيمان نفسه بل يتجه خصوصا إلى امتحان إيمان الآخرين والأمور كلها حلال أو حرام وليس ثمت أمور لا هي حلال ولا هي حرام (على عكس ما يقول به (المحلون). فالواقع إذن أن الخوارج أصحاب نزعة فردية مغالية من نوع خاص تماما. وبالرغم من أن العلامة المميزة لهم كل التمييز هي الترجمة عن إيمانهم بالافعال وامتشاق السيف في سبيل إقرارها كلما اجتمع اثنان من رأي واحد فإنهم مع ذلك قد شاركوا في وضع الزندقة النظرية أعني علم الكلام. فقد كانوا يسألون عن مسائل تتجاوز نطاق الموروث من العقائد ويجادلون خصومهم بشأنها فلم يتنكروا أبدا لأصلهم وهم القراء. ولا شك في أن الطبقة الأولى من علماء الكلام في الاسلام قد تأثروا بالخوارج.
(٣٧)