التاريخ وحركة التقدم البشري ونظرة الإسلام - الشيخ محمد مهدي شمس الدين - الصفحة ٩٢
في ذلك لآيات لكل صبار شكور 1.
وورد ذكر هذا المصطلح في نهج البلاغة في موضعين:
أحدهما في كلام للإمام عند تلاوته قوله تعالى (يسبح له فيها بالغدو والآصال رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله...) 2 قال في وصفهم:
... وما برح لله.. عباد ناجاهم 3 في فكرهم، وكلمهم في ذات عقولهم، فاستصبحوا: بنور يقظة في الأبصار والأسماع والأفئدة، يذكرون بأيام الله، ويخوفون مقامه... 5.
وثانيهما في كتاب له إلى عامله على مكة قثم بن العباس 6، قال فيه:
أما بعد، فأقم للناس الحج، وذكرهم بأيام الله 7.
* من هذا المنطلق، وعلى هذا الأساس كان الإمام عليه السلام يتعامل في توجيهه الفكري، وفي وعظه، وفي تعليمه وتوجيهه السياسي مع التاريخ، وكان يوجه المسلمين أبى أن يعوا التاريخ على هذا الأساس، وأن يتعاملوا مع التاريخ من هذا المنطلق الذي يخدم الأخلاقية والرسالية.
ولعل الخطبة القاصعة 8 أفضل مثال على طريقة تعامل الإمام علي مع التاريخ بهدف التربية وتقويم سلوك المجتمع أخلاقيا، وتوعيته بمسؤوليته الرسالية، وسندرس في

(1) سورة إبراهيم (مكية - 14) الآية: 5.
(2) سورة النورة (مدنية - 24) الآية: 36 و 37.
(3) ناجاهم: خاطبهم بالإلهام.
(4) استصبح: أضاء مصباحه.
(5) نهج البلاغة: رقم النص 222.
(6) قثم بن العباس بن عبد المطلب. كان من مساعدي الإمام علي (ع) في تجهيز رسول الله (ص) ودفنه، وهو آخر من خرج من القبر الشريف، ولاه أمير المؤمنين على مكة، فلم يزل واليا عليها إلى أن استشهد الإمام، واستشهد قثم بسمرقند، كان خرج إليها مع سعيد بن عثمان بن عفان زمن معاوية، وقبره في سمرقند مشهور. وقد زرناه أثناء مشاركتنا في المؤتمر الديني.
(7) نهج البلاغة: (باب الكتب) رقم النص 67.
(8) الخطبة القاصعة رقمها في نهج البلاغة: 192.
(٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 87 88 89 90 91 92 93 95 96 97 98 ... » »»