التاريخ وحركة التقدم البشري ونظرة الإسلام - الشيخ محمد مهدي شمس الدين - الصفحة ١٩١
5 - الثورة الفتنة تنمو، ويتسع سلطانها، ويزيد شيئا فشيئا عدد الساخطين عليها: من أبنائها الذين نبذتهم بعد أن استغنت عنه، ومن الصفوة الذين قامت في أساسها ضدهم، ومن أولئك الذين لم يكن يعنيهم الأمر في شئ، ولكنهم اكتشفوا - بعد انتصار الفتنة التي لم يحاربوها أول الأمر - أنهم قد غدوا من ضحاياها... هؤلاء جميعا الذين تجملهم كلمة أمير المؤمنين في تصويره لمعاناة الناس من الفتنة بقوله:
... وحتى يقوم الباكيان يبكيان: باك يبكي لدينه، وباك يبكي لدنياه (1).
ويرى هؤلاء جميعا أن النظام، نظام الفتنة، ظالم. وكل فريق يرى ظلم هذا النظام من منظوره الخاص:
بعضهم يرى ظلم النظام من منظوره النفعي الخاص، أو الفئوي، أو القبلي، دون أن يبالي بانتهاك الثورة لحقوق أشخاص آخرين أو فئات أخرى، ودون أن يبالي بتجاوز النظام للشريعة وتعطيل دور الأمة الرسالي في العالم، وتحويلها إلى فئات محتربة متخاصمة فقدت وحدتها الداخلية.
وبعضهم الآخر يرى ظلم النظام من منظور رسالي وشرعي يتجاوز مصالحه الشخصية ومصالح فئته وقبيلته.
كل الفئات الساخطة على النظام ترى ظلم هذا النظام... هذا الظلم الذي هو

(1) نهج البلاغة، الخطبة رقم: 98.
(١٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 186 187 188 189 190 191 192 193 194 195 197 ... » »»