ومشارب الصبر والمقر (1)، ولباس شعار الخوف ودثار السيف (2)، وإنما هم مطايا الخطيئات وزوامل الآثام (3) (4).
في هذا النص بين الإمام أيضا طابع الشمول لهذه الفتنة. وذكر جمهور الناس في كل عصر بالسبب الموضوعي الذي ولدها، ومكن لها، وهو تجاوز الشرعية في الحاكم والنظام، والانسياق وراء المصالح الخاصة، والأنانيات الفردية والقبلية، وعدم تحمل مسؤوليات الصراع ضد الباطل وأهله.
* ومن ذلك قوله عليه السلام مخاطبا الخوارج، مخبرا لهم بما سيكون عليه حالهم في نظام الفتنة الآتي حيث لا يجدون الإنصاف والعدل، والتفهم لأوضاعهم وآمالهم التي يجدونها في نظام العدل الذي يقوده الإمام.
أما إنكم ستلقون بعدي ذلا شاملا، وسيفا قاطعا، وأثرة (5) يتخذها الظالمون فيكم سنة (6).
* تنتصر الفتنة، وتسود مفاهيمها، وتفرض على المجتمع قيمها، وتمضي على ذلك السنون، والفتنة تزداد قوة ومناعة وتسلطا، ويمتد سلطانها لينفذ في كل زاوية وعلى كل صعيد في المجتمع، ويسود الإعتقاد بأن كل شئ قد انتهى، وبأن التاريخ قد استقر على هذه الصيغة إلى النهاية، وتنشأ على هذا الإعتقاد أجيال بعد أجيال.
ولكن هذا الإعتقاد خاطئ، فحركة التاريخ لا تتوقف عند صيغة بعينها، بل هي دائبة التقلب والتغير، وسيكون لانتصار الفتنة واستقرار سلطانها نهاية قد لا تنتهي بها الفتنة، ولكنها تواجه مقاومة جديدة.