6 - الأمل الإنسان يعيش في الحاضر مشدودا بين وترين: الماضي والمستقبل، فهو لا يني يحمل الماضي في وعيه، وفي ذاكرته، وفي تركيب جسده، مثقلا بأحزانه وأفراحه، ومخاوفه وآماله، مندفعا بها نحو المستقبل، يضئ عينيه نور الأمل الذي يغمر قلبه بالحياة الأفضل. ولكنه أمل معذب بالحيرة، والقلق، والمخاوف من خيبات الأمل.
وهذه الحقيقة بارزة في تكوين وحياة الإنسان الفرد بوضوح، وهي لا تقل وضوحا في حياة الأمم والشعوب والجماعات.
وقد وقف الإسلام في تعليمه التربوي الإيماني للأفراد في وجه الميل إلى الإغراق في الأمل، لأنه حين يشتد ويغلب على مزاج الإنسان يجعله غير واقعي، ويحبسه في داخل ذاته، وينمي فيه الشعور ب الأنا على نحو لا يعود الآخرون موضوعا لاهتمامه وعنايته أو يجعله قليل الاهتمام بهم، وهذا أمر مرفوض في دين يجعل الاهتمام الشخصي بالآخرين أحد المقومات الأساسية للشخصية الإنسانية السليمة، ولأن الاغراق في الأمل يحول بين الإنسان وبين كثير من فرص كثيرة للتكامل الروحي والأخلاقي.
والنصوص القرآنية في هذا الشأن كثيرة، كذلك النصوص النبوية الواردة في السنة. وقد حفلت مواعظ الإمام علي في نهج البلاغة بالتحذير من الاسترسال مع الآمال (1).