هذا الأمل الكبير الآتي الذي يبشر به الإمام عليه السلام يتمثل في قيام ثورة عالمية تصحح وضع عالم الإسلام، ومن ثم وضع العالم كله، يقودها رجل من أهل البيت هو الإمام المهدي. وقد وردت في نهج البلاغة نصوص قليلة نسبيا تحدد بعض ملامح هذا الأمل، فمن ذلك قوله عليه السلام:
... حتى يطلع الله لكم من يجمعكم، ويضم نشركم (1) (2) والعقيدة بالمهدي عقيدة إسلامية ثابتة أجمع عليها المسلمون بأسرهم، ودل عليها القرآن الكريم في جملة آيات، والسنة الشريفة في مئات الأحاديث المتواترة عن رسول الله (ص) وأئمة أهل البيت. قال ابن أبي الحديد في التعليق على النص الآنف: ثم يطلع الله لهم من يجمعهم ويضمهم، يعني من أهل البيت عليه السلام. وهذا إشارة إلى المهدي الذي يظهر في آخر الوقت. وعند أصحابنا إنه غير موجود الآن وسيوجد، وعند الإمامية إنه موجود الآن (3).
وقال ابن أبي الحديد في التعليق على نص آخر مماثل للنص الآنف: فإن قيل: ومن هذا الرجل الموعود الذي قال عليه السلام عنه (بأبي ابن خيرة الإماء)؟ قيل: أما الإمامية فيزعمون أنه إمامهم الثاني عشر، وأنه ابن أمة اسمها نرجس، وأما أصحابنا فيزعمون أنه فاطمي يولد في مستقبل الزمان لأم ولد (4) وليس بموجود الآن (5).
ومن النصوص التي اشتمل عليها نهج البلاغة في هذا الشأن قول الإمام:
ألا وفي غد - وسيأتي غد بما لا تعرفون - يأخذ الوالي من غيرها عمالها على مساوئ أعمالها، وتخرج له الأرض أفاليذ كبدها (6)، وتلقي إليه سلما مقاليدها، فيريكم كيف عدل