2 - تقع في الحياة العامة أحداث، أو يواجه المجتمع حالات معينة، تسبب هذه أو تلك التباسا في طريقة التعامل مع بعض المفاهيم الرسالية ومفاهيم المعتقد على ضوء الواقع الذي حصل (مثلا: التغيرات التي نشأت نتيجة لتوسع حركة الفتح في إيران والمستعمرات البيزنطية... والاحتكاك بالحضارتين الإيرانية، والرومانية - الشرقية.. - أو الحيرة التي نشأت نتيجة لمقتل الخليفة عثمان بن عفان)... في هذه الحالات قد تتخذ النخبة أو القيادة السياسية للمجتمع قرارات مرتجلة، وتخضع لآلية الفعل ورد الفعل، بعيدا عن التروي (مثلا: كالذي حدث عند مطالبة الإمام علي بعد البيعة فورا بأن يقبض على المتهمين بقتل عثمان ويعاقبهم، فقد قال له قوم من الصحابة: لو عاقبت قوما ممن أجلب 1 على عثمان؟ فقد أجابهم الإمام جواب رجل الدولة المسؤول الناظر إلى عواقب الأمور، البعيد عن الانفعال:
يا إخوتاه! إني لست أجهل ما تعلمون، ولكن كيف لي بقوة والقوم المجلبون على حد شوكتهم 2 يملكوننا ولا نملكهم! وها هم هؤلاء قد ثارت معهم عبدانكم، والتفت إليهم أعرابكم 3 وهم خلالكم 4 يسومونكم ما شاؤوا 5 وهل ترون موضعا لقدرة على شئ تريدونه! إن هذا الأمر أمر جاهلية، وإن لهؤلاء القوم مادة 6. إن الناس من هذا الأمر إذا حرك على أمور: فرقة ترى ما ترون، وفرقة ترى ما لا ترون، وفرقة لا ترى هذا ولا ذاك.
فاصبروا حتى يهدأ الناس، وتقع القلوب مواقعها 7 وتؤخذ الحقوق مسمحة 8.
فاهدأوا عني، وانظروا ماذا يأتيكم به أمري، ولا تفعلوا فعلة تضعضع قوة، وتسقط منة 9، وتورث وهنا وذلة. وسأمسك الأمر ما استمسك، وإذا لم أجد بدا فآخر الدواء الكي 10.