الداعية، وصال الدهر صيال السبع العقور 1، وهدر فنيق الباطل بعد كظوم 2 وتواخى الناس على الفجور، وتهاجروا على الدين، وتحابوا على الكذب، وتباغضوا على الصدق، فإذا كان ذلك كان الولد غيظا 3 والمطر قيظا 4 وتفيض اللئام فيضا وتغيض الكرام غيضا 5. وكان أهل ذلك الزمان ذئابا، وسلاطينه سباعا، وأوساطه أكالا، وفقراؤه، أمواتا، وغار الصدق، وفاض الكذب، واستعملت المودة باللسان، وتشاجر الناس بالقلوب، وصار الفسوق نسبا، والعفاف عجبا، ولبس الإسلام لبس الفرو مقلوبا 6.
في هذا النص فصل الإمام ملامح الفتنة عندما تنتصر، وتغلب على المجتمع، فتتسلط على مؤسساته، وتعمق جذورها فيه، وتبسط مفاهيمها وقيمها عليه.
ويمكن تلخيص هذه الملامح في النقاط التالية:
1 - تأصل روح الطغيان في الحكم، ونزعة التجبر والاستبداد في الحاكمين، وانحسار الروح الرسالية في مؤسسات الحكم.
2 - فساد العلاقات الإنسانية داخل المجتمع، وتدني المستوى الأخلاقي، وشيوع أخلاق المنفعة بين الناس. وما أروع قوله في تصوير جانب من هذه الظاهرة (واستعملت المودة باللسان، وتشاجر الناس بالقلوب).
3 - انحطاط مؤسسة الأسرة، وشيوع الإباحة الجنسية.
ويلخص ذلك كله قوله عليه السلام: (ولبس الإسلام لبس الفرو مقلوبا) وهذا كقوله في نص آخر:
أيها الناس، سيأتي عليكم زمان يكفأ فيه الإسلام كما يكفأ الإناء بما فيه 7.