وكلاهما خطأ. الموقف السليم هو مواجهتها مع الإمام الحاكم العادل، لأن الحق - بوجوده - بين ظاهر، فهو الهادي، وهو الدليل الذي لا يضلل، وهو السراج في الظلمة، ظلمة الفتنة، وكل ظلمة.
وقد حدث أن بعض المسلمين في بدايات خلافة أمير المؤمنين علي التبس عليهم الأمر في الفتنة التي أثارها خروج طلحة والزبير، وعصيان معاوية نتيجة لموقف أبي موسى الأشعري الذي قال للناس في الكوفة حين دعوا إلى قمع عصيان طلحة والزبير: إن الموقف موقف فتنة، وأن الموقف السليم منها هو الامتناع عن المشاركة فيها.
وقد أوضح الإمام إذ ذاك أن الموقف من الفتنة التي يلتبس فيها الحق بالباطل هو هذا، ولكن الأمر يختلف حين يتضح جانب الحق بوجود الإمام العادل أو بأية وسيلة أخرى، فإن السلبية في هذه الحالة تكون خيانة.
ومن هنا فقد سمى الإمام خروج طلحة والزبير فتنة، ودعا الناس إلى مواجهتها وقمعها، لأن وجه الحق فيها بين، فقد كتب إلى أهل الكوفة عند مسيره إلى البصرة:
... واعلموا أن دار الهجرة 1 قد قلعت بأهلها وقلعوا بها 2، وجاشت جيش المرجل 3، وقامت الفتنة على القطب 4، فأسرعوا إلى أميركم، وبادروا جهاد عدوكم 5.
د - موقف الإمام علي من فتنة عصره ما دور الإمام علي، وما موقفه من الفتنة التي عصفت بالمجتمع الإسلامي في عهده؟.
نظرة إلى التاريخ السياسي والفكري للإسلام تكشف بوضوح عن أن الإمام عليا كان المنقذ الأكبر للإسلام من التشوه والمسخ بالفتنة التي عصفت رياحها المجنونة