الإسلام يتحدى - وحيد الدين خان - الصفحة ١١٣
وليكشف للانسان برنامج الحياة وسرها، لابد أن يكون أسمى شخصية في النوع الانساني، كما لابد أن يكون حاملا مثل الحياة العليا. فإذا كانت حياته الذاتية متصفة بهذه الصفات فهي أكبر دليل على ما يقول، إذ لو كانت دعواه باطلة لما كان ممكنا أن تتجلى هذه الحقيقة الكبرى في حياته الذاتية، حتى تسمو به فوق سائر الانسانية، خلقا وشمائل.
ثانيا: أن يكون كلامه ورسالته مملوئين بجوانب يستحيل حصولها للانسان العادي، ولا تؤمل الا ممن ظفر بمعرفة رب الكون، بحيث لا يمكن للعامة محاكاة ما جاء به النبي من وحي الله.
اننا سوف نبحث عن الرسول في ضوء هذي المقياسين.
* * * لقد شهد التاريخ بكل قطعية أن محمدا صلى الله عليه وسلم كان يتمتع بسيرة غير عادية، ومن الممكن للمتعصبين انكار اية حقيقة، مهما كانت واضحة، كما أن من الممكن للمنكرين ادعاء أي شئ في سبيل الاستغلال، إذا كانوا غير راضين بالنتيجة، مهما كانت صادقة وبدهية! وحسبنا أن نذكر على ذلك موقفا من حياتنا الحديثة! فقد شاهدنا منذ سنين قليلة مثالا ساخرا لهذا المبدأ، عندما هاجمت الصين الشعبية حدود الهند الدولية، وأخذت الصين إزاء احتجاج الهند تتهم الهند نفسها بالعدوان!!.
وفي الخطاب الذي أرسله رئيس وزراء الصين إلى الهند، والذي أذيع نصه بدلهي في يناير عام 1960، ادعت الصين أن لها حقا في أرض هندية تبلغ مساحتها 000، 220 كم مربعا!!
ويقول رئيس وزراء الصين: ان القوات الصينية لم تتقدم الا لتدفع بالقوات الهندية المحتلة إلى الوراء!!.
أليس هذا منطق التعصب والاستغلال!!.
أما الذي لا يشكو من داء التعصب، ويهئ عقله لمطالعة الحقائق بقلب مفتوح واع، فإنه سيسلم بعد دراسته بأن حياة محمد صلى الله عليه وسلم كانت أرقى، وأحلى حياة شهدها البشر.
* * * لقد أخبر محمد بن عبد الله بالنبوة، وهو في الأربعين من عمره، وكان قد اشتهر قبل هذا بدور أخلاقي ممتاز، حتى لقبه الناس بالصادق الأمين، وكانت قريش قد أجمعت على أنه يستحيل أن يكذب، أو يخون الأمانة.
ومن الأحداث التي جرت قبل اعلانه النبوة بخمس سنين أن أهل مكة أرادوا بناء الكعبة من جديد، وكانت قريش هي صاحبة الأمر، فاختلفت فيمن سيضع الحجر الأسود في
(١١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 108 109 110 111 112 113 114 115 116 117 118 ... » »»