كتابا، يستحيل على الآخرين أن يكتبوا مثله، أو خيرا منه.. فمن الممكن اصدار مثيل من أي عمل انسان في أي مجال، ولكن حين يدعى أن هناك كلاما ليس في امكان البشر الاتيان بمثله، ثم تخفق البشرى على مدى التاريخ في مواجهة هذا التحدي، حينئذ يثبت تلقائيا أنه كلام غير انساني، وانها كلمات صدرت عن صميم المنبع الإلهي Divineorigin، وكل ما يخرج من المنبع الإلهي لا يمكن مواجهة تحدياته.
* * * وفي صفحات التاريخ بعض الوقائع، غر أصحابها الغرور، فانطلقوا يواجهون هذا التحدي.
وأولى هذه الوقائع ما حدث من الشاعر العربي لبيد بن ربيعة، الشهير ببلاغة منطقه، وفصاحة لسانه، ورصانة شعره. فعندما سمع أن محمد يتحدى الناس بكلامه قال بعض الأبيات ردا على ما سمع، وعلقها على باب الكعبة، وكان التعليق على باب الكعبة امتيازا لم تدركه الا فئة قليلة من كبار شعراء العرب، وحين رأى أحد المسلمين هذا أخذته العزة، فكتب بعض آيات الكتاب الكريم، وعلقها إلى جوار أبيات لبيد، ومر لبيد بباب الكعبة في اليوم التالي، ولم يكن قد أسلم بعد، فأذهلته الآيات القرآنية، حتى أنه صرخ من فوره قائلا: (والله ما هذا بقول بشر، وأنا من المسلمين) (1).