كيف يستحيل وقوع هذه العملية نفسها بين العبد وربه؟ اننا بعد الايمان بالله، والاطلاع على هذه التجارب الكثيرة بما في ذلك الاشراق، لا نجد أساسا لانكار الوحي والالهام.
* * * وقد حدث سنة 1950 أن المسؤولين في (بافاريا) رفعوا قضية ضد أحد النمساويين، واسمه (فرنتر ستروبيل)، بتهمة التدخل في برامج الإذاعة عن طريق الاشراق.
وكان فرنتر ستروبيل يستعرض أعماله في فندق ريجنا، بميونخ، عندما ناول أوراق لعب الكوتشينه إلى أحد المتفرجين، وطلب اليه اختيار ورقة ما. وادعى أنه سوف ينقل اسم تلك الورقة واسم الفندق مع ترتيبهما، كما هما في ذهن المتفرج، إلى المذيع الذي كان يقرأ الأخبار من إذاعة ميونيخ المحلية، ذلك دون أن يعرف المذيع نفسه شيئا من هذا!!.
بعد ثوان سمع الناس صوت مذيع مرتعش، هو يقول: فندق ريجنا؟ بنت البستوني وكان الترتيب واسم الورقة صحيحين، كما أراد المتفرج.
وكان الارتعاش والرهبة واضحين في صوت المذيع، ولكنه واصل قراءة الأخبار. استغرب الكثيرون من المستمعين من سكان ميونيخ، واتصل مئات منهم تليفونيا بالإذاعة يستفسرون عن السر الغامض.. فكان من الصعب عليهم ادراك علاقة الأخبار بفندق ريجنا؟ بنت البستوني: وحضر طبيب الإذاعة للكشف على المذيع، فوجده في حالة اضطراب خطيرة، وأدلى المذيع ببيانه قائلا:. انني شعرت بصداع شديد في رأسي، ولا أعرف ماذا حدث بعد ذلك!.
* * * وقد عرض العلماء نظريات عديدة لشرح هذه الصور من عملية الاشراق، ومنها أن أمواجها تصدر من المخ وتنتشر في العالم أجمع بسرعة فائقة، ولذلك سموها بنظرية الموجة المخية Brain Wave Theory (1).
ونحن نقول: انه لما كان الانسان يستطيع تحويل الأفكار بأكملها إلى انسان آخر، على بعد غير عادي، وبدون استعمال أي واسطة مادية ظاهرية، فلماذا تستحيل نفس العملية بين الاله وعباده؟ ان هذا المظهر من كفاءة قوى الانسان؟ وأمثلته كثيرة لا تحصى؟ ليس إلا قرينة تجريبية تجعلنا نفهم علاقة الألفاظ والمعاني التي تربط العبد بالإله عندما يرسل رسالاته.