دعانا إلى دين الحق فأجبناه وقال قد سلطتكم على من لم يدن به وأنا منتقم بكم منهم وأجعل لكم الغلبة فقال رستم وما هو دين الحق فقال الشهادتان واخراج الناس من عبادة الخلق إلى عبادة الله وأنتم اخوان في ذلك فقال رستم فان أجبنا إلى هذا ترجعون فقال إي والله فانصرف عنه رستم ودعا رجال فارس وذكر ذلك لهم فأنفوا وأرسل إلى سعد أن ابعث لنا رجلا نكلمه ويكلمنا فبعث إليهم ربعي بن عامر وحبسوه على القنطرة حتى أعلموا رستم فجلس على سرير من ذهب وبسط النمارق والوسائد منسوجة بالذهب وأقبل ربعي على فرسه وسيفه في خرقة ورمحه مشدودة بعصب وقدم حتى انتهى إلى البساط ووطئه بفرسه ثم نزل وربطها بوسادتين شقهما وجعل الحبل فيهما فلم يقبلوا ذلك وأظهروا التهاون ثم أخذ عباءة بعيره فاشتملها وأشاروا إليه بوضع سلاحه فقال لو أتيتكم فعلت كذا بأمركم وانما دعوتموني ثم أقبل يتوكأ على رمحه ويقارب خطوه حتى أفسد ما مر عليه من البسط ثم دنا من رستم وجلس على الأرض وركز رمحه على البساط وقال إنا لا نقعد على زينتكم فقال له الترجمان ما جاء بكم فقال الله بعثنا لنخرج عباده من ضيق الدنيا إلى سعتها ومن جور الأديان إلى عدل الاسلام وأرسلنا بدينه إلى خلقه فمن قبله قبلنا منه وتركناه وأرضه ومن بنت أبي قاتلناه حتى نفئ إلى الجنة أو الظفر فقال رستم هل لكم أن تؤخروا هذا الامر حتى ننظر فيه قال نعم كم أحب إليك يوما أو يومين قال لا بل حتى نكاتب أهل رأينا ورؤساء قومنا فقال إن مما سن لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا نمكن الأعداء أكثر من ثلاث فانظر في أمرك وأمرهم واختر اما الاسلام وندعك وأرضك أو الجزية فنقبل ونكف عنك وان احتجت الينا نصرناك أو المنابذة في الرابع ان تنبذ وأنا كفيل بهذا عن أصحابي قال أسيد هم أنت قال لا ولكن المسلمون كالجسد الواحد يجيز بعضهم عن بعض يجيز أدناهم على أعلاهم فخلا رستم برؤوساء قومه وقال رأيتم كلاما قط مثل كلام هذا الرجل فأروه الاستخفاف بشأنه وثيابه فقال ويحكم انما أنظر إلى الرأي والكلام والسيرة والعرب تستخف اللباس وتصون الأحساب ثم أرسل إلى سعد أن ابعث الينا ذلك الرجل فبعث إليهم حذيفة بن محصن ففعل كما فعل الأول ولم ينزل عن فرسه وتكلم وأجاب مثل الأول فقال له ما قعد بالأول عنا فقال أميرنا يعدل بيننا في الشدة والرخاء وهذه نوبتي فقال رستم والمواعدة إلى متى فقال إلى ثلاث من أمس وانصرف وحاص رستم بأصحابه يعجبهم من شأن القوم وبعث في الغد عن آخر فجاءه المغيرة بن شعبة فلما وصل إليهم وهم على زيهم وبسطهم على غلوة من مجلس رستم فجاء المغيرة حتى جلس معه على سريره فأنزلوه فقال لا أرى قوما أسفه منا معشر العرب لا نستعبد
(٩٥)