بذلك وأقام المسلمون بالقادسية ينتظرون كتاب عمر إلى أن وصلهم بالإقامة وكانت وقعة القادسية سنة أربع عشرة وقيل خمس عشرة وقيل ست عشرة * (فتح المدائن وجلولاء بعدها) * ولما انهزم أهل فارس بالقادسية انتهوا إلى بابل وفيهم بقايا الرؤساء النخيزجان ومهران الأهوازي والهرمزان وأشباههم واستعملوا عليهم الفيرزان وأقام سعد بعد الفتح شهرين وسار بأمر عمر إلى المدائن وخلف العيال بالعتيق في جند كثيف حامية لهم وقدم بين يديه زهرة بن حيوة وشرحبيل بن السمط وعبد الله بن المعتمر ولقيهم بعض عساكر الفرس برستن فهزموهم حتى لحقوا ببابل ثم جاء سعد وسار في التعبية ونزلوا على الفيرزان ومن معه ببابل فخرجوا وقاتلوا المسلمين فانهزموا وافترقوا فرقتين ولحق الهرمزان بالأهواز والفيرزان بنهاوند وبها كنوز كسرى وسار النخيزجان ومهران إلى المدائن فتحصنوا وقطعوا الجسر ثم سار سعد من بابل على التعبية وزهرة في المقدمة وقدم بين يديه بكير بن عبد الله الليثي وكثير بن شهاب السبيعي حتى عبرا ولحقا بأخريات القوم فقتلا في طريقهما اسوارين من أساورتهم ثم تقدموا إلى كوثى وعليها شهريار فخرج لقتالهم فقتل وانهزم أصحابه فافترقوا في البلاد وجاء سعد فنفل قاتله سلبه وتقدم زهرة إلى ساباط فصالحه أهلها على الجزية وهزم كتيبة كسرى ثم نزلوا جميعا نهر شير من المدائن ولما عاينوا الإيوان كبروا وقالوا هذا أبيض كسرى هذا ما وعد الله وكان نزولهم عليها ذا الحجة سنة خمس عشرة فحاصروها ثلاثة أشهر ثم اقتحموها وكانت خيولهم تغير على النواحي وعهد إليهم عمر أن من أجاب من الفلاحين ولم يعن عليهم فذلك أمانه ومن هرب فأدرك فشأنكم به ودخل الدهاقين من غربي دجلة وأهل السواد كلهم في أمان المسلمين واغتبطوا بملكهم واشتد الحصار على نهر شير ونصبوا عليها المجانيق واستلحموهم في المواطن وخرج بعض المرازبة يطلب البراز فقاتله زهرة بن حيوة فقتلا معا ويقال ان زهرة قتله شبيب الخارجي أيام الحجاج ولما ضاق بهم الحصار ركب إليهم الناس بعض الأيام فلم يروا على الأسوار أحدا الا رجلا يشير إليهم فقال ما بقي بالمدينة أحد وقد صاروا إلى المدينة القصوى التي فيها الإيوان فدخل سعد والمسلمون وأرادوا العبور إليهم فوجدوهم جمعوا المعابر عندهم فأقام أياما من صبر ودله بعض العلوج على مخاضة في دجلة فتردد فقال له اقدم فلا تأتي عليك ثلاثة الا ويزدجرد قد ذهب بكل شئ فيها فعزم سعد على العبور وخطب الناس وندبهم إلى العبور ورغبهم وندب من يجيز أن لا يجئ الفراض حتى يجيز إليه الناس فانتدب عاصم بن عمر في ستمائة واقتحموا دجلة فلقيهم أمثالهم من الفرس عند
(١٠٠)