بعضنا بعضا فظننتكم كذلك وكان أحسن بكم ان تخبروني أن بعضكم أرباب بعض مع انى لم آتكم وانما دعوتموني فقد علمت انكم مغلوبون ولم يقم ملك على هذه السيرة فقالت السفلة صدق والله العربي وقالت الأساطين لقد رمانا بكلام لا تزال عبيدنا ينزعون إليه قاتل الله من يصغر أمر هذه الأمة ثم تكلم رستم فعظم من أمر فارس بل من شان فارس وسلطانهم وصغر أمر العرب وقال كانت عيشتكم سيئة وكنتم تقصدونا في الجدب فنردكم بشئ من التمر والشعير ولم يحملكم على ما صنعتم إلا ما بكم من الجهد ونحن نعطى أميركم كسوة وبغلا وألف درهم وكل رجل منكم حمل تمر وتنصرفون فلست اشتهى قتلكم فتكلم المغيرة وخطب فقال اما الذي وصفتنا به من سوء الحال والضيق والاختلاف فنعرفه ولا ننكره والدنيا دول والشدة بعدها الرخاء ولو شكرتم ما آتاكم الله لكان شكركم قليلا عما أوتيتم وقد أسلمكم ضعف الشكر إلى تغير الحال وان الله بعث فينا رسولا ثم ذكر مثل ما تقدم إلى التخيير بين الاسلام أو الجزية أو القتال ثم قال وان عيالنا ذاقوا طعام بلادكم فقالوا لا صبر لنا عنه فقال رستم إذا تموتون دونها فقال المغيرة يدخل من قتل منا الجنة ويظفر من بقي منا بكم فاستشاط غضبا وحلف أن لا يقع الصلح أبدا حتى أقتلكم أجمعين وانصرف المغيرة وخلا رستم بأهل فارس وعرض عليهم مصالحة القوم وحذرهم عاقبة حربهم فلجوا وبعث إليه سعد يعرض عليه الاسلام ويرغب فأجابه بمثل ما كان يقول لأولئك من الامتنان على العرب والتعريض بالمطامع فلم يتفق شئ من رأيهم فقال رستم تعبرون الينا أم نعبر إليكم فقالوا بل اعبروا وأرسل إليهم سعد بذلك وأرادوا القنطرة فقال سعد لا ولا كرامة لا نرد عليكم شيئا غلبناكم عليه فأبى فأتوا يسكرون العتيق بالتراب والقصب والبرادع حتى جعلوا جسرا ثم عبر رستم ونصب له سريره وجلس عليه وضرب طيارة وعبر عسكره وجعل الفيلة في القلب والمجنبتين عليها الصناديق والرجال والرايات أمثال الحصون وجعل الجالنوس بينه وبين الميمنة والفيرزان بينه وبين الميسرة ورتب يزدجرد الرجال بين المدائن والقادسية وما بينه وبين رستم رجلا على كل دعوة تنتقل إليه ينبئهم أخبار رستم في أسرع وقت ثم أخذ المسلمون مصافهم واختط سعد قصره وكان به عرق النساء وأصابته معه دماميل لا يستطيع معها الجلوس فصعد على سطح القصر راكبا على وسادة في صدره وأشرف على الناس وعاب ذلك عليه بعض الناس فنزل واعتذر إليهم وأراهم القروح في جسده فعذروه واستخلف خالد بن عرفطة على الناس وحبس من شغب عليه في القصر وقيدهم وكان فيهم أبو محجن الثقفي وقيل انما حبسه بسبب الخمر ثم خطب الناس وحثهم على الجهاد وذكرهم بوعد الله وذلك في المحرم سنة أربع عشرة وأخبرهم انه استخلف
(٩٦)