تاريخ ابن خلدون - ابن خلدون - ج ٢ق٢ - الصفحة ٨٤
عند فراغه من أمر عمان فلما جاء بعد الوفاة أعاده إليها أبو بكر انجازا لوعده صلى الله عليه وسلم تسليما وهي صدقات سعد هذيم وبنى عذرة فبعث إليه الآن يأمره باللحاق بخالد بن سعيد لجهاد الروم وأن يقصد فلسطين وبعث أيضا إلى الوليد بن عقبة وكان على صدقات قضاعة وولاه الأردن وأمر يزيد بن أبي سفيان على جمهور من انتدب إليه فيهم سهيل بن عمرو وأشباهه وأمر أبا عبيدة بن الجراح على جميعهم وعين له حمص وأوصى كل واحد منهم ولما وصل المدد إلى خالد بن سعيد وبلغه توجه الأمراء تعجل للقاء الروم قبلهم فاستطرد له ماهان ودخل دمشق واقتحم خالد الشام ومعه ذو الكلاع وعكرمة والوليد حتى نزل مرج الصفر 3 عند دمشق فانطوت مسالح ماهان عليه وسدوا الطريق دونه وزحف إليه ماهان ولقى ابنه سعيدا في طريقه فقتلوه وبلغ الخبر أباه خالدا فهرب فيمن معه وانتهى إلى ذي المروة قرب المدينة وأقام عكرمة ردءا من خلفهم فرد عنهم الروم فأقام قريبا من الشام وجاء شرحبيل بن حسنة إلى أبي بكر وافدا من العراق من عند خالد فندب معه الناس وبعثه مكان الوليد إلى أردن ومر بخالد ففصل ببعض أصحابه ثم بعث أبو بكر معاوية وأمره باللحاق بأخيه يزيد واذن لخالد ابن سعيد بدخول المدينة وزحف الأمراء في العساكر نحو الشام فعبى هرقل عساكر الروم ونزل حمص بعد أن أشار على الروم بعدم قتال العرب ومصالحتهم على ما يريدون فأبوا ولجوا ثم فرقهم على أمراء المسلمين فبعث شقيقه تدارق في تسعين ألفا نحو عمرو ابن العاصي بفلسطين وبعث جرجة ابن نوذر نحو يزيد بن أبي سفيان وبعث الدراقص نحو شرحبيل بن حسنة بالأردن وبعث القيقلان بن نسطورس في ستين ألفا نحو أبى عبيدة بالجابية فهابهم المسلمون ثم رأوا ان الاجتماع أليق بهم وبلغ كتاب بنت أبي بكر بذلك فاجتمعوا باليرموك أحدا وعشرين ألفا وأمر هرقل أيضا باجتماع جنوده ووعدهم بوصول ملحان إليهم ردءا فاجتمعوا بحيال المسلمين والوادي خندق بينهم فأقاموا بإزائه ثلاثة أشهر واستمدوا أبا بكر فكتب إلى خالد بن الوليد أن يستخلف على العراق المثنى بن حارثة ويلحق بهم وأمره على جند الشام * (بعوث الشام) * ولما استمد المسلمون أبا بكر بعث إليهم خالد بن الوليد من العراق واستحثه في السير إليهم فنفذ خالد لذلك وأوفى المسلمين مكانهم عندما وافى ماهان والروم أيضا وولى خالد قباله وولى الأمراء قبل الآخرين إزاءهم فهزم ماهان وتتابع الروم على الهزيمة وكانوا مائتين وأربعين ألفا وتقسموا بين القتل والغرق في الواقوصة والهوى في الخندق وقتل صناديد الروم وفرسانهم وقتل تدارق أخو هرقل وانتهت الهزيمة
(٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 ... » »»