تاريخ ابن خلدون - ابن خلدون - ج ٢ق٢ - الصفحة ٩٠
هلال وقالوا نقاتل مع قومنا وبلغ الخبر إلى رستم والفيرزان فبعثا مهران الهمداني إلى الحيرة والمثنى بين القادسية وخفان فلما بلغه الخبر استبقى فرات باذقلا وكتب بالخبر إلى جرير وعصمة ان يقصدا العذيب مما يلي الكوفة فاجتمعوا هنا لك ومهران قبالتهم عدوة الفرات وتركوا له العبور فأجاز إليهم وسار إليه المثنى في التعبية وعلى مجنبتيه مهران مرزبان الحيرة من الازدبة ومردارشاه ووقف المثنى على الرايات يحرض الناس فأعجلتهم فارس وخالطوهم وركدت حربهم واشتدت ثم حمل المثنى على مهران فأزاله عن مركزه وأصيب مسعود أخو المثنى وخالط المثنى القلب ووثب المجنبات على المجنبات قبالتهم فانهزمت الفرس وسبقهم المثنى إلى الحسر فهربوا مصعدين ومنحدرين واستلحمتهم خيول المسلمين وقتل فيها مائة ألف أو يزيدون وأحصى مائة رجل من المسلمين قتل كل واحد منهم عشرة وتبعهم المسلمون إلى الليل وأرسل المثنى في آثار الفرس فبلغوا ساباط فغنموا وسبوا ساباط واستباحوا القرى وسخروا السواد بينهم وبين دجله لا يلقون مانعا ورجع المنهزمون إلى رستم فاستهانوا ورضوا أن يتركوا ما وراء دجلة ثم خرج المثنى من الحيرة واستخلف بشير بن الخصاصية وسار نحو السواد ونزل الليس من قرى الأنبار فسميت الغزاة غزاة الأنبار الآخرة وغزاة الليس الآخرة وجاءت إلى المثنى عيون فدلته على سوق الخنافس وسوق بغداد وان سوق الخنافس أقرب ويجتمع بها تجار المدائن والسواد وخفراؤهم ربيعة وقضاعة فركب إليها وأغار عليها يوم سوق فاشتف السوق وما فيها وسلب الخفراء ورجع إلى الأنبار فأتوه بالعلوفة والزاد وأخذ منهم ادلاء تظهر له المدائن وسار بهم إلى بغداد ليلا وصبح السوق فوضع فيهم السيف وأخذ ما شاء من الذهب والفضة والجيد من كل شئ ثم رجع إلى الأنبار وبعث المضارب العجلي إلى الركان وبه جماعة من تغلب فهربوا عنه ولحقهم المضارب فقتل في أخرياتهم وأكثر ثم سرح فرات بن حيان التغلبي وعتيبة بن النهاس للإغارة على احياء من تغلب بصفين ثم اتبعهما المثنى بنفسه فوجدوا احياء صفين قد هربوا عنها فعبر المثنى إلى الجزيرة وفنى زادهم وأكلوا رواحلهم وأدركوا عيرا من أهل خفان فحضر نفر من تغلب فاخذوا العير ودلهم أحد الخفراء على حي من تغلب ساروا إليه يومهم وهجموا عليهم فقتلوا المقاتلة وسبوا الذرية واستاقوا الأموال وكان هذا الحي بوادي الرويحلة فاشترى أسراهم من كان هنا لك من ربيعة بنصيبهم من الفئ وأعتقوهم وكانت ربيعة لا تسبى في الجاهلية ولما سمع المثنى ان جميع من يملك البلاد قد انتجع شاطئ دجلة خرج في اتباعهم فأدركهم بتكريت فغنم ما شاء وعاد إلى الأنبار ومضى عتيبة وفرات حتى أغارا
(٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 ... » »»