تاريخ ابن خلدون - ابن خلدون - ج ٢ق٢ - الصفحة ٩٤
فاستاق ثلثمائة دابة بين بغل وحمار وقدر وآخرها سمكا وصبح بها العسكر فقسمه سعد في الناس وواصلوا السرايا والبعوث لطلب اللحم وأما الطعام فكان عندهم كثيرا وسار رستم إلى ساباط في ستين ألفا وعلى مقدمته الجالنوس في أربعين ألفا وساقته عشرون ألفا وفى الميمنة الهرمزان وفى الميسرة مهران بن بهرام الرازي وحمل ثلاثة وثلاثين فيلا ثمانية عشر في القلب وخمسة عشر في الجنبين ثم سار حتى نزل كوثى فأتى برجل من العرب فقال له رستم ما جاء بكم وما تطلبون فقال نطلب وعد الله بأرضكم وأبنائكم إن لم تسلموا قال رستم فان قتلتم دون ذلك قال من قتل دخل الجنة ومن بقي أنجزه الله وعده قال رستم فنحن إذا وضعنا في أيديكم فقال أعمالكم وضعتكم وأسلمكم الله بها فلا يغرنك من ترى حولك فلست تحاول الناس انما تحاول القضاء والقدر فغضب وأمر به فضربت عنقه وسار فنزل الفرس وفشا من عسكره المنكر وغصبوا الرعايا أموالهم وأبناءهم حتى نادى رستم منهم بالويل وقال صدق والله العربي وأتى ببعضهم فضرب عنقه ثم سار حتى نزل الحيرة ودعا أهلها فعزرهم وهم بهم فقال ابن بقيلة لا تجمع علينا أن تعجز عن نصرتنا وتلومنا على الدفع عن أنفسنا وأرسل سعد السرايا إلى السواد وسمع بهم رستم فبعث لاعتراضهم الفرس وبلغ ذلك سعدا فأمدهم بعاصم بن عمر فجاءهم وخيل فارس تحتوشهم فلما رأوا عاصم هربوا وجاء عاصم بالغنائم ثم أرسل سعد عمرو بن معدى كرب وطليحة الأسدي طليعة فلما ساروا فرسخا وبعضه لقوا المسالح فرجع عمرو ومضى طليحة حتى وصل عسكر رستم وبات فيه وهتك اطناب خيمة أو خيمتين واقتاد بعض الخيل وخرج يعدو به فرسه ونذر به الفرس فركبوا في طلبه إلى أن أصبح وهم في أثره فكر على فارس فقتله ثم آخر وأسر الرابع وشارف عسكر المسلمين فرجعوا عنه ودخل طليحة على سعد بالفارسي ولم يخلف بعده فيهم مثله فأسلم ولزم طليحة ثم سار رستم فنزل القادسية بعد ستة أشهر من المدائن وكان يطاول خوفا وتقية والملك يستحثه وكان رآى في منامه كأن ملكا نزل من السماء ومعه النبي صلى الله عليه وسلم وعمر وأخذ الملك سلا ح اهل فارس فختمه ثم دفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم ودفعه النبي إلى عمر فحزن لذلك اهل فارس في سيره (ولما) وصل القادسية وقف على العتيق حيال عسكر المسلمين والناس يتلاحقون حتى اغتموا من كثرتهم وركب رستم غداة تلك الليلة وصعد مع النهر وصوب حتى وقف على القنطرة وأرسل إلى زهرة فواقفه وعرض له بالصلح وقال كنتم جيراننا وكنا نحسن إليكم ونحفظكم ويقرر صنيعهم مع العرب ويقول زهرة ليس أمرنا بذلك وانما طلبنا الآخرة وقد كنا كما ذكرت إلى أن بعث الله فينا رسولا
(٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 89 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 ... » »»