تاريخ ابن خلدون - ابن خلدون - ج ٢ق٢ - الصفحة ٩٩
وسعد يقول في كل واحدة اللهم اغفر لهم وانصرهم وقد كان قال لهم إذا كبرت ثلاثا فاحملوا فلما كبر الثالثة لحق الناس بعضهم بعضا صلاة العشاء واختلطوا وصليل الحديد كصوت القرن إلى الصباح وركدت الحرب وانقطعت الاخبار والأصوات عن سعد ورستم وأقبل سعد على الدعاء وسمع نصف الليل صوت القعقاع في جماعة من الرؤساء إلى رستم حتى خالطوا صفة مع الصبح فحمل الناس من كل جهة على من يليهم واقتتلوا إلى قائم الظهيرة فناجز الفيرزان والهرمزان بعض الشئ وانفرج القلب وهبت ريح عاصف فقلبت طيارة رستم عن سريره فهوت في العتيق وانتهى القعقاع ومن معه إلى السرير وقد قام رستم عنه فاستظل في ظل بغل وحمله وضرب هلال بن علقمة الحمل فوقع أحد العدلين على رستم فكسر ظهره وضربه هلال ضربة نفحت مسكا ضرب نحو العتيق فرمى بنفسه فيه فاقتحم هلال وجره برجله فقتله وصعد السرير وقال قتلت رستم ورب الكعبة إلى إلى فأطافوا به وكبروا وقيل إن هلالا لما قصد رستم رماه بسهم فاثبت قدمه بالركاب ثم حمل عليه فقتله واحتز رأسه ونادى في الناس قتلت رستم فانهزم قلب المشركين وقام الجالنوس على الردم ونادى الفرس إلى العبور وتهافت المقترنون بالسلاسل في العتيق وكانوا ثلاثين فهلكوا وأخذ ضرار بن الخطاب راية الفرس العظيمة وهي درفش كابيان فعوض منها ثلاثين ألفا وكانت قيمتها ألف ألف ومائة ألف ألف وقتل ذلك اليوم من الأعاجم عشرة آلاف في المعركة وقتل من المشركين في ذلك اليوم ستة آلاف دفنوا بالخندق سوى ألفين وخمسمائة قتلوا ليلة الهرير وجمع من الاسلاب والأموال ما لم يجمع قبله ولا بعده مثله ونفل سعد هلال بن علقمة سلب رستم وأمر القعقاع وشرحبيل باتباع العدو وقد كان خرج زهرة بن حيوة قبلها في آثارهم فلحق الجالنوس يجمع المنهزمين فقتله وأخذ سلبه فتوقف سعد من عطائه وكتب إلى عمر فكتب إليه تعمد إلى مثل زهرة وقد صلى بمثل ما صلى به وقد بقي عليك من حربك ما بقي تفسد قلبه أمض له سلبه وفضله على أصحابه في العطاء بخمسمائة ولحق سلمان بن ربيعة الباهلي وأخذه عبد الرحمن بطائفة من الفرس قد استماتوا فقتلوهم واستمات بعد الهزيمة بضعة وثلاثون رئيسا من المسلمين فقتلوهم أجمعين وكان ممن هرب من أمراء الفرس الهرمزان وأهود وزاد بن بيهس وقارن وممن استمات فقتل شهريار بن كبارا وأسر المدمرون والفردان الأهوازي وحشر شوم الهمداني وكتب سعد إلى عمر بالفتح وبمن أصيب من المسلمين وكان عمر يسأل الركبان حين يصبح إلى انتصاف النهار ثم يرجع إلى أهله فلما ألقى البشير قال من أين فأخبره فقال حدثني فقال هزم الله المشركين ففرح
(٩٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 94 95 96 97 98 99 100 101 102 103 104 ... » »»