تاريخ ابن خلدون - ابن خلدون - ج ٢ق٢ - الصفحة ١٠٦
ورجعوا إلى عمرو وقد نزل أجنادين وقد تقدم لنا ذكر هذه الوقعة قبل اليرموك على قول من جعلها قبلها وهذا على قول من جعلها بعدها ولما دخل ارطبون بيت المقدس فتح عمرو غزة وقيل كان فتحها في خلافة بنت أبي بكر ثم فتح سبسطية وفيها قبر يحيى بن زكريا وفتح نابلس على الجزية ثم فتح مدينة لد ثم عمواس وبيت حبرين ويافا ورفح وسائر مدائن الأردن وبعث إلى الارطبون فطلب أن يصالح كأهل الشام ويتولى العقد عمر وكتبوا إليه بذلك فسار عن المدينة واستخلف علي بن أبي طالب بعد أن عذله في مسيره فأبى وقد كان واعد أمراء الأجناد هنا لك فلقيه يزيد ثم أبو عبيدة ثم خالد على الخيول عليهم الديباج والحرير فنزل ورماهم بالحجارة وقال أتستقبلوني في هذا الزي وانما شبعتم منذ سنتين والله لو كان على رأس الماءين لاستبدلت بكم فقالوا انها يلامقة وأن علينا السلاح فسكت ودخل الجابية وجاءه أهل بيت المقدس وقد هرب ارطبون عنهم إلى مصر فصالحوه على الجزية وفتحوها له وكذلك أهل الرملة وولى علقمة بن حكيم على نصف فلسطين وأسكنه الرملة وعلقمة بن مجزز على النصف الآخر وأسكنه بيت المقدس وضم عمرا وشرحبيل إليه فلقياه بالجابية وركب عمر إلى بيت المقدس فدخلها وكشف عن الصخرة وأمر ببناء المسجد عليها وذلك سنة خمس عشرة وقيل سنة ست عشرة ولحق ارطبون بمصر مع من بنت أبي الصلح من الروم حتى هلك في فتح مصر وقيل انما لحق بالروم وهلك في بعض الصوائف ثم فرق عمر العطاء ودون الدواوين سنة خمس عشرة ورتب ذلك على السابقة (ولما) أعطى صفوان بن أمية والحرث بن هشام وسهيل بن عمرو أقل من غيرهم قالوا لا والله لا يكون أحد أكرم منا فقال أنما أعطيت على سابقة الاسلام لا على الأحساب قالوا فنعم إذا وخرجوا إلى الشام فلم يزالوا مجاهدين حتى أصيبوا (ولما وضع عمر الدواوين) قال له على وعبد الرحمن ابدأ بنفسك قال لا بل بعم رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم الأقرب فالأقرب ورتب ذلك على مراتب ففرض خمسة آلاف ثم أربعة ثم ثلاثة ثم ألفين وخمسمائة ثم ألفين ثم ألفا واحدا ثم خمسمائة ثم ثلثمائة ثم مائتين وخمسين ثم مائتين وأعطى نساء النبي صلى الله عليه وسلم عشرة آلاف لكل واحدة وفضل عائشة بألفين وجعل النساء على مراتب فلأهل بدر خمسمائة ثم أربعمائة ثم ثلثمائة ثم مائتين والصبيان مائة مائة والمساكين جريبين في الشهر ولم يترك في بيت المال شيئا وسئل في ذلك فأبى وقال هي فتنة لمن بعدي وسأل الصحابة في قوته من بيت المال فأذنوا له وسألوه في الزيادة على لسان حفصة ابنته متكتمين عنه فغضب وامتنع وسألها عن حال رسول الله صلى الله عليه وسلم في عيشه وملبسه وفراشه فأخبرته بالكفاف من ذلك فقال والله لأضعن الفضول مواضعها
(١٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 101 102 103 104 105 106 107 108 109 110 111 ... » »»