خالد بن عرفطة وأرسل جماعة من أهل الرأي لتحريض الناس على القتال مثل المغيرة وحذيفة وعاصم وطليحة وقيس وغالب وعمرو ومن الشعراء الشماخ والحطيئة والعبدي بل وعبدة بن الطيب وغيرهم ففعلوا ثم أمر بقراءة الأنفال فشهت قلوب الناس وعيونهم وعرفوا السكينة مع قراءتها فلما فرغت القراءة قال سعد ألزموا مواقفكم فإذا صليتم الظهر فانى مكبر تكبيرة فكبروا واستعدوا فإذا سمعتم الثانية فكبروا وأتموا عدتكم فإذا سمعتم الثالثة فكبروا ونشطوا الناس فإذا سمعتم الرابعة فازحفوا حتى تخالطوا عدوكم وقولوا لا حول ولا قوة الا بالله (فلما كبر الثالثة) برز أهل النجدات فأشبوا القتال وخرج أمثالهم من الفرس فاعتوروا الطعن والضرب وارتجزوا الشعر وأول من أسر في ذلك اليوم هرمز من ملوك الكبار وكان متوجا أسره غالب بن عبد الله الأسدي فدفعه إلى سعد ورجع إلى الحرب وطلب البراز أسوار منهم فبرز إليه عمرو بن معدى كرب فأخذه وجلده الأرض فذبحه وسلب سواريه ومنطقته ثم حملوا الفيلة على المسلمين وأمالوها على بجيلة فثقلت عليهم فأرسل سعد إلى بنى أسد أن يدافعوا عنهم فجاءه طليحة بن خويلد وحمل بن مالك فردوا الفيلة وخرج على طليحة عظيم منهم فقتله طليحة وعير الأشعث بن قيس كندة بما يفعله بنو أسد فاستشاطوا ونهدوا معه فأزالوا الذين بإزائهم وحين رأى الفرس ما لقى الناس والفيلة من بنى أسد حملوا عليهم جميعا وفيهم ذو الحاجب والجالنوس وكبر سعد الرابعة فزحف المسلمون وثبت بنو أسد ودارت رحى الحرب عليهم وحملت الفيول على الميمنة والميسرة ونفرت خيول المسلمين منها فأرسل سعد إلى عاصم بن عمر هل من حيلة لهذه الفيلة فبعث الرماة يرشقونها بالنبل واشتد لردها آخرون يقطعون الوضن وخرج عاصم بجميعهم ورحى الحرب على أسد واشتد عواء الفيلة ووقعت الصناديق فهلك أصحابها ونفس عن أسد أن أصيب منهم خمسمائة وردوا فارس إلى مواقفهم ثم اقتتلوا إلى هدء من الليل وكان هذا اليوم الأول وهو يوم الرماة ولما أصبح دفن القتلى وأسلم الجرحى إلى نساء يقمن عليهم وإذا بنواصي الخيل طالعة من الشام كان عمر بعد فتح دمشق عزل خالد ابن الوليد عن جند العراق وأمر أبا عبيدة أن يؤمر عليهم هاشم بن عتبة يردهم إلى العراق فخرج بهم هاشم وعلى مقدمته القعقاع بن عمرو فقام القعقاع على الناس صبيحة ذلك اليوم يوم اغواث وقد عهد إلى أصحابه أن يقطعوا أعشارا بين كل عشرين مد البصر وكانوا ألفا فسلم على الناس وبشرهم بالجنود وعرضهم على القتال وطلب البراز فخرج إليه ذو الحاجب فعرفه القعقاع ونادى بالثار لأصحاب الجسر وتضاربا فقتله القعقاع وسر الناس بقتله ووهنت الأعاجم لذلك ثم طلب البراز فخرج إليه الفيرزان
(٩٧)