تاريخ ابن خلدون - ابن خلدون - ج ٢ق٢ - الصفحة ٦٣
أخضر فنظر إليه وعرفت عائشة انه يريده قالت فمضغته حتى لان وأعطيته إياه فاستن به ثم وضعه ثم ثقل في حجري فذهبت انظر في وجهه فإذا بصره قد شخص وهو يقول الرفيق الأعلى من الجنة فعلمت انه خير فاختار (وكانت تقول) قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم بين سحري ونحري وذلك نصف نهار يوم الاثنين لليلتين من شهر ربيع الأول ودفن من الغد نصف النهار من يوم الثلاثاء ونادى الناعي في الناس بموته وأبو بكر غائب في أهله بالسنخ وعمر حاضر فقام في الناس وقال إن رجالا من المنافقين زعموا ان رسول الله صلى الله عليه وسلم مات وانه لم يمت وانه ذهب إلى ربه كما ذهب موسى وليرجعن فيقطعن أيدي رجال وأرجلهم وأقبل أبو بكر حين بلغه الخبر فدخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فكشف عن وجهه وقبله وقال بأبي أنت وأمي قد ذقت الموتة التي كتب الله عليك ولن يصيبك بعدها موتة أبدا وخرج إلى عمر وهو يتكلم فقال أنصت فأبى وأقبل على الناس يتكلم فجاؤوا إليه وتركوا عمر فحمد الله وأثنى عليه وقال أيها الناس من كان يعبد محمدا فان محمدا قد مات ومن كان يعبد الله فان الله حي لا يموت ثم تلا وما محمد الا رسول قد خلت من قبله الرسل الآية فكأن الناس لم يعلموا ان هذه الآية في المنزل قال عمر فما هو إلا أن سمعت أبا بكر يتلوها فوقعت إلى الأرض ما تحملني رجلاي وعرفت انه قد مات وقيل تلا معها انك ميت وانهم ميتون الآية وبينما هم كذلك إذ جاء رجل يسعى بخبر الأنصار انهم اجتمعوا في سقيفة بنى ساعدة يبايعون سعد بن عبادة ويقولون منا أمير ومن قريش أمير فانطلق أبو بكر وعمرو وجماعة المهاجرين إليهم وأقام على وعباس وابناه الفضل وقثم وأسامة بن زيد يتولون تجهيز رسول الله صلى الله عليه وسلم فغسله على مسنده إلى ظهره والعباس وابناه يقلبونه معه وأسامة وشقران يصبان الماء وعلى يدلك من وراء القميص لا يفضى إلى بشرته بعد أن كانوا اختلفوا في تجهيزه ثم أصابتهم سنة فخفقوا وسمعوا من وراء البيت ان اغسلوه وعليه ثيابه ففعلوا ثم كفنوه في ثوبين صحاريين وبرد حبرة أدرج فيهن ادراجا واستدعوا حفارين أحدهما يلحد والآخر يشق ثم بعث إليهما العباس رجلين وقال اللهم خر لرسولك فجاء الذي يلحد وهو أبو طلحة زيد بن سهل كان يحفر لأهل المدينة فلحد لرسول الله صلى الله عليه وسلم (ولما فرغوا من جهازه يوم الثلاثاء) وضع على سرير بيته واختلفوا أيدفن في مسجده أو بيته فقال أبو بكر سمعته صلى الله عليه وسلم يقول ما قبض نبي الا يدفن حيث قبض فرفع فراشه الذي قبض عليه وحفر له تحته ودخل الناس يصلون عليه أفواجا الرجال ثم النساء ثم الصبيان ثم العبيد لا يؤم أحدهم أحدا ثم دفن من وسط الليل ليلة الأربعاء وعن عائشة لاثنتي عشرة ليلة من ربيع الأول فكملت سنو الهجرة عشر
(٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 ... » »»