تاريخ ابن خلدون - ابن خلدون - ج ٢ق٢ - الصفحة ١٧١
انما أتيناك رسلا ولا ندع مع ذلك النصح والسعي في الألفة والجماعة وذكر من فضل على واستحقاقه للامر بتقواه وزهده فقال معاوية بعد الحمد والثناء أما الجماعة التي تدعون إليها فهي معنا وأما طاعة صاحبكم فلا نراها لأنه قتل خليفتنا وآوى أهل ثارنا ونحن مع ذلك نجيبكم إلى الطاعة والجماعة إذا دفع الينا قتلة عثمان فقال شبث بن ربعي أيسرك يا معاوية أن تقتل عمارا قال نعم بمولاه قال شبث حتى تضيق والله الأرض الفضاء عليك فقال معاوية لو كان ذلك لكانت عليك أضيق وافترقوا عن معاوية ثم خلا بزياد بن خصفة وشكى إليه من على وسأله النصر منه بعشيرته وأن يوليه أحد المصرين فأبى وقال انى على بينة من ربى فلن أكون ظهيرا للمجرمين وقام عنه فقال معاوية لعمرو كان قلوبهم قلب رجل واحد ثم بعث معاوية إلى على حبيب بن مسلمة وشرحبيل بن السمط ومعن بن يزيد بن الأخنس فدخلوا عليه فتكلم حبيب بعد الحمد لله والثناء فقال إن عثمان كان خليفة مهديا يعمل بكتاب الله وينيب إلى أمره فاستثقلتم حياته واستبطأتم موته فقتلتموه فادفع الينا قتلته ان كنت لم تقتله ثم اعتزل أمر الناس فيولوا من اجمعوا عليه فقال على ما أنت وهذا الامر فاسكت فلست بأهل له فقال والله لتراني بحيث تكره فقال وما أنت لا أبقى الله عليك ان أبقيت اذهب فصوب وصعد ثم تكلم بعد الحمد لله والثناء وهداية الناس بمحمد صلى الله عليه وسلم وخلافة الشيخين وحسن سيرتهما وقد وجدنا عليهما أن توليا ونحن أقرب منهما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لكن سمحنا لهما بذلك وولى عثمان فعاب الناس عليه وقتلوه ثم بايعوني مخافة الفرقة فأجبتهم ونكث على رجلان وخالف صاحبكم الذي ليس له مثل سابقتي والعجب من انقيادكم له دون بيت نبيكم ولا ينبغي لكم ذلك وأنا أدعوكم إلى الكتاب والسنة ومعالم الدين وإماتة الباطل واحياء الحق فقالوا نشهد أن عثمان قتل مظلوما فقال لا أقول مظلوما ولا ظالما قالوا فمن لم يقل ذلك فنحن منه برآء وانصرفوا فقرأ على انك لا تسمع الموتى الآية ثم قال لأصحابه لا يكن هؤلاء في ضلالهم أجد منكم في حقكم ثم تنازع عدى بن حاتم في راية طيئ وعامر بن قيس الحزمري وكان رهطه أكثر من رهط عدى فقال عبد الله بن خليفة البولاني ما فينا أفضل من عدى ولا من أبيه حاتم ولم يكن في الاسلام أفضل من عدى وهو الوافد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ورأس طيئ في النخيلة والقادسية والمداين وجلولا ونهاوند وتستر وسأل على قومهم فوافقوه على ذلك فقضى بها لعدى ولما انسلخ المحرم نادى على في الناس بالقتال وعبى الكتائب وقال لا تقاتلوهم حتى يقاتلوكم فإذا هزمتموهم فلا تقتلوا مدبرا ولا تجهزوا على جريح ولا تكشفوا عورة ولا تمثلوا ولا
(١٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 166 167 168 169 170 171 172 173 174 175 176 ... » »»