تاريخ ابن خلدون - ابن خلدون - ج ٢ق٢ - الصفحة ١٧٤
يخادعون بذلك عما في نفوسهم من الباطل ثم مضى فلا يمر بواد من صفين الا اتبعه من هناك من الصحابة ثم جاء إلى هاشم بن عتبة وكان صاحب الراية فأنهضه حتى دنا من عمرو بن العاصي وقال يا عمرو بعت دينك بمصر تبا لك فقال انما أطلب دم عثمان فقال أشهد أنك لا تطلب وجه الله في كلام كثير من أمثال ذلك وان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في عمار تقتله الفئة الباغية ولما قتل عمار حمل على وحمل معه ربيعة ومضر وهمدان حملة منكرة فلم يبق لأهل الشأم صف الا انتقض حتى بلغوا معاوية فناداه على علام يقتل الناس بيننا هلم أحاكمك إلى الله فأينا قتل صاحبه استقام له الامر فقال له عمرو أنصفك فقال له معاوية لكنك ما أنصفت وأسر يومئذ جماعة من أصحاب على فترك سبيلهم وكذلك فعل على ومر على بكتيبة من الشأم قد ثبتوا فبعث إليهم محمد ابن الحنفية فأزالهم عن مواقفهم وصرع عبد الله بن كعب المرادي فمر به الأسود بن قيس فأوصاه بتقوى الله والقتال مع على وقال أبلغه عنى السلام وقال له قاتل على المعركة حتى تجعلها خلف ظهرك فإنه من أصبح غدا والمعركة خلف ظهره فإنه العالي ثم اقتتل الناس إلى الصباح وهي ليلة الجمعة وتسمى ليلة الهرير وعلى يسير بين الصفوف ويحرض كل كتيبة على التقدم حتى أصبح والمعركة كلها خلف ظهره والأشتر في الميمنة وابن عباس في الميسرة والناس يقتتلون من كل جانب وذلك يوم الجمعة ثم ركب الأشتر ودعا الناس إلى الحملة على أهل الشأم فحمل حتى انتهى إلى عسكرهم وقتل صاحب رايتهم وأمده على بالرجال فلما رآى عمرو شدة أهل العراق وخاف على أصحابه الهلاك قال لمعاوية مر الناس يرفعون المصاحف على الرماح ويقولون كتاب الله بيننا وبينكم فان قبلوا ذلك ارتفع عنا القتال وان أبى بعضهم وجدنا في افتراقهم راحة ففعلوا ذلك فقال الناس نجيب إلى كتاب الله فقال لهم على يا عباد الله امضوا على حقكم وقتال عدوكم فان معاوية وابن أبي معيط وحبيبا وابن أبي سرح والضحاك ليسوا بأصحاب دين ولا قرآن أنا أعرف بهم صحبتهم أطفالا ورجالا فكانوا شر أطفال وشر رجال ويحكم والله ما رفعوها الا مكيدة وخديعة فقالوا لا يسعنا أن ندعى إلى كتاب الله فلا نقبل فقال انما قتلناهم ليدينوا بكتاب الله فإنهم نبذوه فقال له مسعر بن فدك التميمي وزيد بن حصين الطائي في عصابة من القراء الذين صاروا خوارج بعد ذلك يا علي أجب إلى كتاب الله والا دفعنا برمتك إلى القوم أو فعلنا بك ما فعلنا بابن عفان فقال إن تطيعوني فقاتلوا وان تعصوني فافعلوا ما بدا لكم قالوا فابعث إلى الأشتر وكفه عن القتال فبعث إليه يزيد بن هانئ بذلك فأبى وقال قد رجوت أن يفتح الله لي فلما جاء يزيد بذلك ارتج الموقف
(١٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 169 170 171 172 173 174 175 176 177 178 179 ... » »»