تاريخ ابن خلدون - ابن خلدون - ج ٢ق٢ - الصفحة ١٧٢
تأخذوا مالا ولا تهيجوا امرأة وان شتمتكم فإنهن ضعاف الأنفس والقوى ثم حرضهم ودعا لهم وجعل الأشتر على خيل الكوفة وسهل بن حنيف على خيل البصرة وقيس بن سعد على رجالة البصرة وعمار بن ياسر على رجالة الكوفة وهاشم بن عتبة معه الراية ومسعر بن فدكي على القراء وعبى معاوية كتائبه فجعل على الميمنة ذا الكلاع الحميري وعلى الميسرة حبيب بن مسلمة وعلى المقدمة أبا الأعور وعلى خيل دمشق عمرو بن العاصي وعلى رجالتها مسلم بن عقبة المري وعلى الناس كلهم الضحاك بن قيس وتبايع رجال من أهل الشأم على الموت فعقلوا أنفسهم بالعمائم في خمسة صفوف فاقتتلوا عامة يومهم وفى اليوم الثاني هاشم بن عتبة وأبو الأعور السلمي وفى اليوم الثالث عمار بن ياسر وعمرو بن العاصي فاقتتلوا أشد قتال وحمل عمار فأزال عمرا عن موضعه وفى اليوم الرابع محمد بن الحنفية وعبيد الله بن عمر بن الخطاب وتداعيا إلى البراز فرد على ابنه وتراجعوا وفى اليوم الخامس عبد الله بن عباس والوليد بن عقبة فاقتتلا كذلك ثم عاد في اليوم السادس الأشتر وحبيب فاقتتلا قتالا شديدا وانصرفا وخطب على الناس عشية يومه وأمرهم بمناهضة القوم بأجمعهم وأن يطيلوا ليلتهم القيام ويكثروا التلاوة ويدعو الله بالنصر والصبر ويرموا غدا في لقائهم بالجد والحزم فبات الناس يصلحون ليلتهم سلاحهم وعبى على الناس ليلته إلى الصباح وزحف وسأل عن القبائل من أهل الشأم وعرف مواقفهم وأمر كل قبيلة أن تكفيه أختها من الشأم ومن ليس منهم أحد بالشأم يصرفهم إلى من ليس منهم أحد بالعراق مثل بجيلة صرفهم إلى لخم وخرج معاوية في أهل الشام فاقتتلوا يوم الأربعاء قتالا شديدا عامة يومهم ثم انصرفوا وغلس على يوم الخميس بالزحف وعلى ميمنته عبد الله بن بديل ابن ورقاء وعلى ميسرته عبد الله بن عباس والقراء مع عمار وقيس بن سعد وعبد الله ابن يزيد والناس على راياتهم ومراكزهم وعلى في القلب بين أهل الكوفة والبصرة ومعه أهل البصرة والكوفة ومعه أهل المدينة من الأنصار وخزاعة وكنانة ورفع معاوية قبة عظيمة والقى عليها الثياب وبايعه أكثر أهل الشأم على الموت وأحاط بقبته خيل دمشق وزحف ابن بديل في الميمنة فقاتلهم إلى الظهر وهو يحرض أصحابه ثم كشف خيلهم واضطرهم إلى قبة معاوية وجاء الذين تبايعوا على الموت إلى معاوية فبعثهم إلى حبيب فحمل بهم على ميمنة أهل العراق فانجفل الناس عن ابن بديل الا ثلثمائة أو مائتين من القراء وانتهت الهزيمة إلى على وأمده على بسهل بن حنيف في أهل المدينة فاستقبلهم جموع عظيمة لأهل الشأم فمنعتهم ثم انكشفت مضر من الميسرة وثبتت ربيعة وجاء على يمشي نحوهم فاعترضه أحمر مولى بنت أبي سفيان فحال دونه كيسان مولاه فقتله
(١٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 167 168 169 170 171 172 173 174 175 176 177 ... » »»