تاريخ ابن خلدون - ابن خلدون - ج ٢ق٢ - الصفحة ١٧٠
وبعث الأشتر سنان بن مالك النخعي إلى أبي الأعور السلمي يدعوه إلى البراز فأبى وحجز بينهم الليل ووافاهم من الغد على وعساكره فقدم الأشتر وانتهى إلى معاوية ولحق به على وكان معاوية قد ملك شريعة الفرات فشكى الناس إلى على العطش فبعث صعصعة بن صوحان إلى معاوية بأنا سرنا ونحن عازمون على الكف عنكم حتى نعذر إليكم فسابقنا جندكم بالقتال ونحن رأينا الكف حتى ندعوك ونحتج عليك وقد منعتم الماء والناس غير منتهين فابعث إلى أصحابك يخلون عن الماء للورد حتى ننظر بيننا وبينكم وإن أردت القتال حتى يشرب الغالب فعلنا فأشار عمرو بن العاصي بتخلية الماء لهم وأشار ابن أبي سرح والوليد بن عقبة بمنعهم الماء وعرضا بشتم فتشاتم معهم صعصعة ورجع وأو عز بنت أبي الأعور بمنعهم الماء وجاء الأشعث بن قيس إلى الماء فقاتلهم عليه ثم أمر معاوية أبا الأعور يزيد بن أبي أسد القسري جد خالد بن عبد الله ثم بعمرو بن العاص بعدهم وأمر على الأشعث بشبث بن ربعي ثم بالأشتر وعليهم أصحاب على وملكوا الماء عليهم وأرادوا منعهم منه فنهاهم على عن ذلك وأقام يومين ثم بعث إلى معاوية أبا عمر وبشير بن عمرو بن محصن الأنصاري وسعيد بن قيس الهمداني وشبث ابن ربعي التميمي يدعونه إلى الطاعة وذلك أول ذي الحجة سنة ست وثلثين فدخلوا عليه وتكلم بشير بن عمرو بعد حمد الله والثناء عليه والموعظة الحسنة وناشده الله أن لا يفرق الجماعة ولا يسفك الدماء فقال هلا أوصيت بذلك صاحبك فقال بشير ليس مثلك هو أحق بالأمر بالسابقة والقرابة قال فما رأيك قال تجيبه إلى ما دعا إليه من الحق قال معاوية ونترك دم عثمان لا والله لا أفعله أبدا ثم قال شبث بن ربعي يا معاوية انما طلبت دم عثمان تستميل به هؤلاء السفهاء الطغام إلى طاعتك ولقد علمنا انك أبطأت على عثمان بالنصر لطلب هذه المنزلة فاتق الله ودع ما أنت عليه ولا تنازع الامر أهله فأجابه معاوية وأبدع في سبه وقال انصرفوا فليس بيني وبينكم الا السيف فقال له شبث أقسم بالله لنعجلنها لك ورجعوا إلى على بالخبر وأقاموا يقتتلون أيام ذي الحجة كلها عسكر من هؤلاء وعسكر من هؤلاء وكرهوا أن يلقوا جمع أهل العراق بجمع أهل الشأم حذرا من الاستئصال والهلاك ثم جاء المحرم فذهبوا إلى الموادعة حتى ينقضى طمعا في الصلح وبعث إلى معاوية عدى بن حاتم ويزيد بن قيس الأرحبي وشبث بن ربعي وزياد ابن خصفة فتكلم عدى بعد الحمد والثناء ودعا إلى الدخول في طاعة على ليجمع الله به الكلمة فلم يبق غيرك ومن معك واحذر يا معاوية أن يصيبك وأصحابك مثل يوم الجمل فقال معاوية كأنك جئت مهددا لا مصلحا هيهات يا عدى أنا ابن حرب والله ما يقعقع لي بالشنان وانك من قتلة عثمان وأرجو أن يقتلك الله به فقال له يزيد بن قيس
(١٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 165 166 167 168 169 170 171 172 173 174 175 ... » »»