تاريخ ابن خلدون - ابن خلدون - ج ٢ق٢ - الصفحة ١٦٩
لما رجع على بعد وقعة الجمل إلى الكوفة مجمعا على قصد الشام بعث إلى جرير بن عبد الله البجلي بهمدان والى الأشعث بن قيس بآذربيجان وهما من عمال عثمان بأن يأخذا له البيعة ويحضرا عنده فلما حضرا بعث جريرا إلى معاوية يعلمه ببيعته ونكث طلحة والزبير وحزبهما ويدعوه إلى الدخول فيما دخل فيه الناس فلما قدم عليه طاوله في الجواب وحمل أهل الشام ليرى جرير قيامهم في دم عثمان واتهامهم عليا به وكان أهل الشام لما قدم عليهم النعمان بن بشير بقميص عثمان ملوثا بالدم كما قدمناه وبأصابع زوجته نائلة وضع معاوية القميص على المنبر والأصابع من فوقه فمكث الناس يبكون مدة وأقسموا ألا يمسهم ماء الا لجنابة ولا يناموا على فراش حتى يثأروا من عثمان ومن حال دون ذلك قتلوه فرجع جرير بذلك إلى على وعذله الأشتر في بعث جرير وانه طال مقامه حتى تمكن أهل الشام من رأيهم فغضب لذلك جرير ولحق بقرقيسيا واستقدمه معاوية فقدم عليه وقيل إن شرحبيل بن السمط الكندي أشار على معاوية برد جرير لاجل منافسة كانت بينهما منذ أيام عمر وذلك أن شرحبيل كان عمر بن الخطاب بعثه إلى سعد بالعراق ليكون معه فقربه سعد وقدمه ونافسه له أشعث بن قيس فأوصى جريرا عند وفادته على عمر أن ينال من شرحبيل عنده ففعل فبعث عمر شرحبيل إلى الشام فكان يحقد ذلك على جرير فلما جاء إلى معاوية أغراه شرحبيل به وحمله على الطلب بدم عثمان ثم خرج على وعسكر بالنخيلة واستخلف على الكوفة أبا مسعود الأنصاري وقدم عليه عبد الله بن عباس في أهل البصرة وتجهز معاوية وأغراه عمرو بقلة عسكر على واضطغان أهل البصرة له بمن قتل منهم وعبى معاوية أهل الشام وعقد لعمرو ولابنيه وغلامه وردان الألوية وبعث على في مقدمته زياد بن النضر الحارثي في ثمانية آلاف وشريح بن هانئ في أربعة آلاف وسار من النخيلة إلى المدائن واستنفر من كان بها من المقاتلة وبعث منها معقل بن قيس في ثلاثة آلاف يسير من الموصل ويوافيه بالرقة وولى على على المدائن سعد بن مسعود الثقفي عم المختار بن أبي عبيد وسار فلما وصل إلى الرقة نصب له جسر فعبر وجاء زياد وشريح من ورائه وكانا سمعا بمسير معاوية وخشيا أن يلقاهما معاوية وبينهما وبين على البحر ورجعا إلى هيت وعبرا الفرات ولحقا بعلى فقدمهما امامه فلما أتيا إلى سور الروم لقيهما أبو الأعور السلمي في جند من أهل الشأم فطاولاه وبعثا إلى على فسرح الأشتر وأمره ان يجعلهم على مجنبتيه وقال لا تقاتلهم حتى آتيك وكتب إلى شريح وزياد بطاعته فقدم عليهما وكف عن القتال سائر يومه حتى حمل عليهم أبو الأعور بالعشي فاقتتلوا ساعة وافترقوا ثم خرج من الغداة وخرج إليه من أصحاب الأشتر هاشم بن عتبة المرقال واقتتلوا عامة يومهم
(١٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 164 165 166 167 168 169 170 171 172 173 174 ... » »»