تاريخ ابن خلدون - ابن خلدون - ج ٢ق٢ - الصفحة ١٧٦
وأخذ الحكمان من على ومعاوية ومن الجندين العهود والمواثيق أنهما آمنان على أنفسهما وأهليهما والأمة لهما أنصار على الذي يتقاضيان عليه وعلى عبد الله بن قيس وعمرو بن العاصي عهد الله وميثاقه أن يحكما بين هذه الأمة ولا يورداها في حرب ولا فرقة حتى يقضيا وأجلا القضاء إلى رمضان وأن أحبا أن يؤخرا ذلك أخراه وان مكان قضيتهما مكان عدل بين أهل الكوفة وأهل الشأم وشهد رجال من أهل العراق ورجال من أهل الشأم وضعوا خطوطهم في الصحيفة وأبى الأشتر أن يكتب اسمه فيها وحاوره الأشعث في ذلك فأساء الرد عليه وتهدده وكتب الكتاب لثلاث عشرة خلت من صفر سنة سبع وثلاثين واتفقوا على أن يوافي على موضع الحكمين بدومة الجندل وبأذرح في شهر رمضان ثم جاء بعض الناس إلى على يحضه على قتال القوم فقال لا يصلح الرجوع بعد الرضى ولا التبديل بعد الاقرار ثم رجع الناس عن صفين ورجع على وخالفت الحرورية وأنكروا تحكيم الرجال ورجعوا على غير الطريق الذي جاؤوا فيه حتى جازوا النخيلة ورأوا بيوت الكوفة ومر على بقبر خباب بن الأرت توفى بعد خروجه فوقف واسترحم له ثم دخل الكوفة فسمع رجة البكاء في الدور فقال يبكين على القتلى فترحم لهم ولم يزل يذكر الله حتى دخل القصر فلم تدخل الخوارج معه وأتوا حرورا فنزلوا بها في اثنى عشر ألفا وقدموا شبث بن عمر التميمي أمير القتال وعبيد الله بن الكوا اليشكري أمير الصلاة قالوا البيعة لله عز وجل والامر بالمعروف والنهى عن المنكر والامر شورى بعد الفتح فقالوا للناس بايعتم عليا انكم أولياء من والى وأعداء من عادى وبايع أهل الشأم معاوية على ما أحب وكرهوا فلستم جميعا من الحق في شئ فقال لهم زياد بن النضر والله ما بايعناه الا على الكتاب والسنة لكن لما خالفتموه تعينتم للضلال وتعينا للحق ثم بعث على عبد الله بن عباس إليهم وقال لا تراجعهم حتى آتيك فلم يصبر عن مكالمتهم وقال ما نقمتم من أمر الحكمين وقد أمر الله بهما بين الزوجين فكيف بالأمة فقالوا لا يكون هذا بالرأي والقياس فان ذلك جعله الله حكما للعباد وهذا أمضاه كما أمضى حكم الزاني والسارق قال ابن عباس قال الله تعالى يحكم به ذوا عدل منكم قالوا والأخرى كذلك وليس أمر الصيد والزوجين كدماء المسلمين ثم قالوا له قد كنا بالأمس نقاتل عمرو بن العاصي فإن كان عدلا فعلى ما قتلناه وإن لم يكن عدلا فكيف يسوغ تحكيمه وأنتم قد حكمتم الرجال في أمر معاوية وأصحابه والله تعالى قد أمضى حكمه فيهم أن يقتلوا أو يرجعوا وجعلتم بينكم الموادعة في الكتب وقد قطعها الله بين المسلمين وأهل الحرب منذ نزلت براءة ثم جاء على إلى فسطاط يزيد بن قيس منهم بعد أن علم أنهم يرجعون إليه في رأيهم فصلى عنده ركعتين وولاه على اصبهان
(١٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 171 172 173 174 175 176 177 178 179 180 181 ... » »»