تاريخ ابن خلدون - ابن خلدون - ج ١ - الصفحة ٣٨٦
عن حد النهاية حتى تقصر عنها وجوه الكسب ومذاهبه ولا تفي بمطالبها فإذا عجز عن الكسب بالمجرى الطبيعي لم يجد وليجة في نفسه إلا التمني لوجود المال العظيم دفعة من غير كلفة ليفي له ذلك بالعوائد التي حصل في أسرها فيحرص على ابتغاء ذلك ويسعى فيه جهده ولهذا فأكثر من تراهم يحرصون على ذلك هم المترفون من أهل الدولة ومن سكان الأمصار الكثيرة الترف المتسعة الأحوال مثل مصر وما في معناها فنجد الكثير منهم مغرمين بابتغاء ذلك وتحصيله ومسألة الركبان عن شواذه كما يحرصون على الكيمياء هكذا بلغني عن أهل مصر في مفاوضة من يلقونه من طلبة المغاربة لعلهم يعثرون منه على دفين أو كنز ويزيدون على ذلك البحث عن تغوير المياه لما يرون أن غالب هذه الأموال الدفينة كلها في بحاري النيل وأنه أعظم ما يستر دفينا أو مختزنا في تلك الآفاق ويموه عليهم أصحاب تلك الدفاتر المفتعلة في الاعتذار عن الوصول إليها بجرية النيل تسترا بذلك من الكذب حتى يحصل على معاشه فيحرص سامع ذلك منهم على نضوب الماء بالاعمال السحرية لتحصيل مبتغاه من هذه كلفا بشأن السحر متوارثا في ذلك القطر عن أوليه فعلومهم السحرية وآثارها باقية بأرضهم في البراري وغيرها وقصة سحرة فرعون شاهدة باختصاصهم بذلك وقد تناقل أهل المغرب قصيدة ينسبونها إلى حكماء المشرق تعطى فيها كيفية العمل بالتغوير بصناعة سحرية حسبما تراه فيها وهي هذه يا طالبا للسر في التغوير * إسمع كلام الصدق من خبير دع عنك ما قد صنفوا في كتبهم * من قول بهتان ولفظ غرور واسمع لصدق مقالتي ونصيحتي * إن كنت ممن لا يرى بالزور فإذا أردت تغور البئر التي * حارت لها الأوهام في التدبير صور كصورتك التي أوقفتها * والرأس رأس الشبل في التقوير ويداه ما سكتان للحبل الذي * في الدلو ينشل من قرار البير وبصدره هاء كما عاينتها * عدد الطلاق احذر من التكرير ويطا على الطاءات غير ملامس * مشي اللبيب الكيس النحرير ويكون حول الكل خط دائر * تربيعه أولى من التكوير
(٣٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 381 382 383 384 385 386 387 388 389 390 391 ... » »»