تحت الأرض ويبتغون الكسب من ذلك ويعتقدون أن أموال الأمم السالفة مختزنة كلها تحت الأرض مختوم عليها كلها بطلاسم سحرية لا يفض ختامها ذلك إلا من عثر على علمه واستحضر ما يحله من البخور والدعاء والقربان فأهل الأمصار بإفريقية يرون أن الإفرنجة الذين كانوا قبل الاسلام بها دفنوا أموالهم كذلك وأودعوها في الصحف بالكتاب إلى أن يجدوا السبيل إلى استخراجها وأهل الأمصار بالمشرق يرون مثل ذلك في أمم القبط والروم والفرس ويتناقلون في ذلك أحاديث تشبه حديث خرافة من انتهاء بعض الطالبين لذلك إلى حفر موضع المال ممن لم يعرف طلسمه ولا خبره فيجدونه خاليا أو معمورا بالديدان أو يشاهد الأموال والجواهر موضوعة والحرس دونها منتضين سيوفهم أو تميد به الأرض حتى يظنه خسفا أو مثل ذلك من الهذر ونجد كثيرا من طلبة البربر بالمغرب العاجزين عن المعاش الطبيعي وأسبابه يتقربون إلى أهل الدنيا بالأوراق المتحزمة الحواشي إما بخطوط عجمية أو بما ترجم بزعمهم منها من خطوط أهل الدفائن باعطاء الامارات عليها في أماكنها يبتغون بذلك الرزق منهم بما يبعثونه على الحفر والطلب ويموهون عليهم بأنهم إنما حملهم على الاستعانة بهم طلب الجاه في مثل هذا من منال الحكام والعقوبات وربما تكون عند بعضهم نادرة أو غريبة من الاعمال السحرية يموه بها على تصديق ما بقي من دعواه وهو بمعزل عن السحر وطرقه فتولع كثير من ضعفاء العقول بجمع الأيدي على الاحتفار والتستر فيه بظلمات الليل مخافة الرقباء وعيون أهل الدول فإذا لم يعثروا على شئ ردوا ذلك إلى الجهل بالطلسم الذي ختم به على ذلك المال يخادعون به أنفسهم عن إخفاق مطامعهم والذي يحمل على ذلك في الغالب زيادة على ضعف العقل إنما هو العجز عن طلب المعاش بالوجوه الطبيعية للكسب من التجارة والفلح والصناعة فيطلبونه بالوجوه المنحرفة وعلى غير المجرى الطبيعي من هذا وأمثاله عجزا عن السعي في المكاسب وركونا إلى تناول الرزق من غير تعب ولا نصب في تحصيله واكتسابه ولا يعلمون أنهم يوقعون أنفسهم بابتغاء ذلك من غير وجهه في نصب ومتاعب وجهد شديد أشد من الأول ويعرضون أنفسهم مع ذلك لمنال العقوبات وربما يحمل على ذلك في الأكثر زيادة الترف وعوائده وخروجها
(٣٨٥)