تاريخ ابن خلدون - ابن خلدون - ج ١ - الصفحة ٥٨٨
وأعلم أن الأذواق كلها في معرفة البلاغة إنما تحصل لمن خالط تلك اللغة وكثر استعماله لها ومخاطبته بين أجيالها حتى يحصل ملكتها كما قلناه في اللغة العربية فلا الأندلسي بالبلاغة التي في شعر أهل المغرب ولا المغربي بالبلاغة التي في شعر أهل الأندلس والمشرق ولا المشرقي بالبلاغة التي في شعر الأندلس والمغرب لان اللسان الحضري وتراكيبه مختلفة فيهم وكل واحد منهم. مدرك لبلاغة لغته وذائق لمحاسن الشعر من أهل جلدته وفي خلق السماوات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم آيات وقد كدنا نخرج عن الغرض ولذلك عزمنا أن نقبض العنان عن القول في هذا الكتاب الأول الذي هو طبيعة العمران وما يعرض فيه وقد استوفينا من مسائله ما حسبناه كفاية ولعل من يأتي بعدا ممن يؤيده الله بفكر صحيح وعلم مبين يغوص من مسائله على أكثر مما كتبنا فليس على مستنبط الفن إحصاء مسائله وإنما عليه تعيين موضع العلم وتنويع فصوله وما يتكلم فيه والمتأخرون يلحقون المسائل من بعده شيئا فشيئا إلى أن يكمل والله يعلم وأنتم لا تعلمون قال مؤلف الكتاب عفى الله عنه أتممت هذا الجزء الأول بالوضع والتأليف قبل التنقيح والتهذيب في مدة خمسة أشهر آخرها منتصف عام تسعة وسبعين وسبعمائة ثم نقحته بعد ذلك وهذبته وألحقت به تواريخ الأمم كما ذكرت في اوله وشرطته وما العلم الا من عند الله العزيز الحكيم
(٥٨٨)
مفاتيح البحث: العزّة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 578 579 580 581 582 583 584 585 586 587 588