غناءه فيه ويتكفل بأرزاقهم من بيت ماله وهذا كله مندرج في الامارة ومعاشها إذ كلهم ينسحب عليهم حكم الامارة والملك الأعظم هو ينبوع جداولهم وأما ما دون ذلك من الخدمة فسببها أن أكثر المترفين يترفع عن مباشرة حاجاته أو يكون عاجزا عنها لما ربي عليه من خلق التنعم والترف فيتخذ من يتولى ذلك له ويقطعه عليه أجرا من ماله وهذه الحالة غير محمودة بحسب الرجولية الطبيعية للانسان إذ الثقة بكل أحد عجز ولأنها تزيد في الوظائف والخرج وتدل على العجز والخنث الذي ينبغي في مذاهب الرجولية التنزه عنهما إلا أن العوائد تقلب طباع الانسان إلى مألوفها فهو ابن عوائده لا ابن نسبه ومع ذلك فالخديم الذي يستكفى به ويوثق بغنائه كالمفقود إذ الخديم القائم بذلك لا يعدو أربع حالات إما مضطلع بامره ولا موثوق فيما يحصل بيده وإما بالعكس في إحداهما فقط مثل أن يكون مضطلعا غير موثوق أو موثوقا غير مضطلع فاما الأول وهو المضطلع الموثوق فلا يمكن أحدا استعماله بوجه إذ هو باضطلاعه وثقته غني عن أهل الرتب الدنيئة ومحتقر لمثال الاجر من الخدمة لاقتداره على أكثر من ذلك فلا يستعمله إلا الأمراء أهل الجاه العريض لعموم الحاجة إلى الجاه وأما الصنف الثاني وهو ممن ليس بمضطلع ولا موثوق فلا ينبغي لعاقل استعماله لأنه يجحف بمخدومه في الامرين معا فيضيع عليه لعدم الاصطناع تارة ويذهب ماله بالخيانة أخرى فهو على كل حال كل على مولاه فهذان الصنفان لا يطمع أحد في استعمالهما ولم يبق إلا استعمال الصنفين الآخرين موثوق غير مضطلع ومضطلع غير موثوق وللناس في الترجيح بينهما مذهبان ولكل من الترجيحين وجه إلا أن المضطلع ولو كان غير موثوق أرجح لأنه يؤمن من تضييعه ويحاول على التحرز من خيانته جهد الاستطاعة وأما المضيع ولو كان مأمونا فضرره بالتضييع أكثر من نفعه فاعلم ذلك واتخذه قانونا في الاستكفاء بالخدمة والله سبحانه وتعالى قادر على كل شئ الفصل الرابع في أن ابتغاء الأموال من الدفائن والكنوز ليس بمعاش طبيعي إعلم أن كثيرا من ضعفاء العقول في الأمصار يحرصون على استخراج الأموال من
(٣٨٤)