فإنك تجد تحتها بابا منه إلى سرداب طوله خمسون ذراعا في آخره باب مقفل ومفتاح القفل تحت عتبة الباب، فخذه والطخ القفل ببقية مرارة الثور ودمه وبخره بشعره وبنحاتة أظلافه وقرنه، وافتح الباب وادخله بعد أن (توثق رتاجه) فإذا دخلته فإنك ترى مستقبلك ضما من حجر في عنقه لوح صغير معلق من صفر مكتوب فيه جميع ما في الخزائن من مال وجوهر وتمثال وذخيرة ودواء وأعجوبة، فخذ منه ما شئت.
وكذلك فافعل بكل عمود وتمثال فإنك تجد مثل تلك الخزانة سواء، وهذه نواويس الملوك وكنوزهم، فوصف الراعي لصاحبه جميع ما قالته الجارية، فلما سمع ذلك سر به سرورا عجيبا وعمله أسرع ما أمكنه، فوجد ما لا يدرك وصفه، ووجد من العجائب شيئا كثيرا فأتم بناء المدينة واتصل ذلك بحوريا فأساءها، وإنما كانت أرادت إتعابه وإشغاله وإذهاب ماله.
ويقال إنه وجد فيها من العجايب درج ذهب مختوم فيه مكحلة زير جد فيها ذرور أخضر ومعه عرق جوهر أحمر، فمن اكتحل من ذلك الذرور وهو أشيب عاد شابا وأسود شعره ولحيته وأضاء بصره حتى يدرك النظر إلى الروحانيين ووجد تمثال غراب من حجر إذا سئل عن شئ صوت فأجاب عنه، ويقال إنه كان في كل خزانة عشرون أعجوبة.
فلما فرغ من بنيان المدينة وجه إليها يعلمها بذلك ويحثها على القدوم إليه، ويتشكى من طول الأمد وكثرة الشفاء له ولأصحابه، فوجهت إليه فرشا فاخرا وقالت افرشه في المجلس الذي تجلس فيه، أقسم جيشك أثلاثا فأنفذ إلي ثلثه فأنا ماشية عند وصوله عندي إليك، فإذا وصلت مسافة كذا موضعا عينته له فانفذ إلي الثلث الثاني فإذا بلغت ثلثي الطريق، فانفذ إلي الثلث الثالث ليكون جملته من ورائي لئلا يراني أحد منه إذا دخلت عليك، ولا يبقى هناك إلا صبية يخدمونك ممن تثق بهم، فأني أوافيك في جوار تكنفك من خدمنا لا أحتشم منه ففعل ما قالت، وجعلت تحمل إليه الجهاز والأموال على