وهم الذين حفروا النيل حتى أجروا ماءه إليهم، ولم يكن قبل ذلك معتدل الجري، وإنما كان ينبطح ويتفرق في الأرض، فوجه إلى النوبة جماعة حتى هندسوه، وشقوا منه أنهارا إلى مواضع كثيرة من مدنهم التي بنوها.
وشقوا منها نهرا إلى مدينة أمسوس يجري في وسطها وغرسوا فيها عليه الغروس وكثر خيرهم وعمرت أرضهم، وتجبر بقراويس لما ملك قومه، وكان عظيمهم.
وبعد عشرين ومائة سنة خلت من ملكه أمر بإقامة الأساطين، وزبروا عليها علومهم.
ذكر دخولهم البلدة، وكيف خرجوا إليها ونزلوا بها وحروبهم لمن حاربهم من الملوك ثم أمر ببناء قبة على أساطين مثبتة بالرصاص، طولها مائة ذراع، وجعل عليها مرآة زبرجد أخضر، قدرها سبعة أشبار ترى خضرتها على أمد بعيد.
وفي مصاحف المصريين أنه سأل الربئ الذي كان معه أن يعرفه فخرج [إلى شاطئ] النيل، فحمله حتى أجلسه على خلف خط الاستواء على البحر الأسود الزفتي [والنيل يخرج] مثل الخيوط حتى يدخل تحت جبل القمر، ثم يخرج إلى بطائح هناك.
ويقال إنه بنى بيت التماثيل هناك، وعمل هيكل الشمس، ورجع إلى أمسوس وقسم البلد بين بنيه، فجعل لبقراوس الجانب الغربي، ولسوريد الجانب الشرقي، ولابنه الأصغر وهو مصرام مدينة سماها ير بيان، وأسكنه فيها، وأقام أساطين كثيرة، وشق إليها نهرا وغرس فيها غروسا.