فلما رآهم في البحر هم بتركهم خوفا من البحر، فأقبل جبرئيل عليه السلام بفرس بلقاء، فدخل في أثرهم، فلما رآها فرس فرعون اقتحم به في أثرها، فلم يقدر فرعون على إمساكه، لأنه كان حصانا، وقد كان طال عمره.
فلما دخل فرعون اتبعه قومه عن آخرهم، فلم يبق في البر أحد منهم فتوسطوا البحر، وقد خرج موسى عليه السلام ومن معه من الناس، فأمر الله تعالى جل جلاله جبريل عليه السلام أن يطبق البحر على فرعون وقومه ففعل.
فلما رأى ذلك فرعون قال آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين، ولم يقلها صحيح النية.
فلما سمعه جبريل عليه السلام رجمه بكف من الحمأة ضرب بها وجهه، وسد بها فاه، خوفا أن يرحمه الله تعالى بذلك القول.
فغرق الجميع ولم يفلت منهم أحد، وحملت أرواحهم إلى النار، ولما هلكوا طرح الله تعالى [جملة منهم] على عبر البحر، منهم فرعون في موضع مرتفع من الأرض، حتى رأوه وعرفوه وبين الله ذلك في كتابه الكريم الذي أنزله على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم.
تم وكمل كتاب اخبار الزمان وما أباده الحدثان وعجائب البلدان، والغامر بالماء والعمران، بمعونة الله وقوته، فله الحمد والشكر على ما أولى من النعم الجسام والبر والانعام.
على يد أضعف عباد الله وأحوجهم إلى الرحمة والمغفرة والرضوان عبد الرحمن بن محمد بن محمد البصري سامحه الله وغفر له ولوالديه، ولمن كان السبب في كتابته ولمن قرأ فيه ولجميع المسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات، الاحياء منهم والأموات.
ووافق الفراغ في نسخه يوم الجمعة تاسع عشر جمادى الأولى أحد شهور سنة اثنين وثمانين وثمانمائة أحسن الله علي بها.
والحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا محمد وآله آمين آمين آمين وصحبه وسلم، وحسبنا الله ونعم الوكيل ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم استغفر الله الكريم.