كل صنف وفي كل يوم حتى علم مسيرها، فوجه إليها ثلث جيشه، فعملت لهم من الأطعمة والأشربة المسموعة فوق الحاجة.
فلما وصل الجيش إليها اشغلتهم الجواري والولدان بالأطعمة والأشربة والطيب (والرياحين) فلم يصبح منهم أحد حيا ومن أصبح منهم حيا قتل.
وقد كانت وكلت بهم من جيوشها من يفعل ذلك، ووجهت إلى كل جهة من يضبط الطرق ويحرسها حتى لا يصل إليه خبر من ذلك واخذت جميع ما خلفوه ونقلته إلى مصر.
وسارت فلقيها الثلث الآخر ففعلت به مثل ذلك وكتبت إليه تعرفه أنها وجهت ما وصل إليها من جيشه إلى مصر ومملكتها في تلك الجهات ليحفظوها خلال كونها عنده.
ثم وصل إليها الثلث الثالث من جنده فجرى أمره مجرى الثلثين الأولين إلى أن وصلت إليه ومعها عسكر مجرد من ثقات رجالها وأعيان جيشها وفرسانها، فلم يشعر إلا وهم قد أحاطوا به في القصر الذي كان بناه بالإسكندرية، فدخلت عليه هي وظئرها وجواريها معها فنفخت ظئرها في وجهه نفخة ذهب بها لبه ورشت عليه ما كان معها فارتعبت مفاصله وخذلت قوته، وقالت من ظن أنه يغلب النساء فقد كذبته نفسه، وغلبته النساء.
ثم فصدت بعض عروقه وشربت من دمه وقالت دماء الملوك شفاء وقتلته، وأخذت رأسه فوجهت به إلى قصرها ونصبته عليه.
وحملت تلك الأموال إلى منف، وبنت منار الإسكندرية وزبرت عليها اسمها واسمه، وما فعلته به والتاريخ على المنار.
واتصل خبرها بالملوك الذين يتزاحمون على بلادها فهابوها، وخافوا من حيلها وأذعنوا لها وهادوها وتصنعوا لها.
وعملت بمصر عجائب كثيرة، وأمرت أن يبنى على حدود مصر من ناحية النوبة حصن وقنطرة يجري النيل من تحتها، فعملت ذلك.
واعتلت حوريا فاجتمع إليها أهل بلدها وسألوها أن تقلد الملك أحدا