عاليا، وعمل فوقه مجلسا وصفحه بالذهب والفضة والصفر والرخام الملون والزجاج المسبوك وأبدع في عمله لأنها أمدته بالصناع وبالأموال، وكانت تكاتب صاحبه عنه بما تراه وتهاديه عنه وهو لا يعلم.
فلما فرغ من بنيان المدينة أعلمها بذلك، فأرسلت إليه ان لنا مدينة حصينة كانت لأوائلنا وقد خرجت وخرب حصنها، فانتقل إليها، وانظر في بنيانها وإصلاحها وإصلاح حصنها وأتقن أمورها، وانتقل انا خلال ذلك إلى المدينة التي بنيتها وأنقل إليها جميع ما احتاج إليه، فإذا فرغت من اصلاح تلك المدينة أنفذ إلي حينئذ فأسير إليك لأبعد عن مدينتي وأهل بلدي، فاني أكره أن ادخل إليك بالقرب منهم.
فمضى حيث امرته وجد في اصلاح الإسكندرية الثانية وإليها أمرته أن يمضي وأهل التاريخ لا يعرفون خبر انداحس، ويذكرون ان الذي قصد مصر هو الوليد بن دموع (1) العملاقي، وهو ثاني الفراعنة.
وأن سبب قصده لها انه اعتل علة طالت به فوجه ثقاته إلى كل جهة وإلى كل مكان ليحمل إليه مياهها حتى يعلم الماء الذي يلائم جسمه منها.
فأتى غلام له مملكة مصر فرأى سعتها وفوائدها وألطافها، فعاد إليه فأعلمه بحالها وجلى له أمرها، وحمل إليه من مائها وغرائبها.
فقصدها في جيش كثيف حتى حط عليها، وكاتب الملكة وخطبها إلى نفسه فوجهت إليه من أشرف على حاله فرأى قوما عظاما لا تقوم بحربهم، فأجابته إلى التزويج وشرطت عليه أن يبني لها مدينة عظيمة يظهر فيها قوته، ويجعلها انزالها، فأجابها ودخل مصر وشقها إلى ناحية الغرب ليبني المدينة بناحية الإسكندرية فأمرت بان يلقى بالرياحين وأصناف الفواكه فمضى إلى ناحية الإسكندرية، وقد خربت بعد خروج العادية عنها، فنقل ما وجد