الأمير اعلم اني ما دخلتها الا بالصلح فقال له خالد بن الوليد انك لم تزل مغفلا وأنا ما دخلتها الا بالسيف عنوة وما بقي لهم حماية فكيف صالحتهم قال أبو عبيدة اتق الله أيها الأمير والله لقد صالحت القوم ونفذ السهم بما هو فيه وكتب لهم الكتاب وهو مع القوم فقال خالد وكيف صالحتهم من غير أمري وأنا صاحب رأيتك والأمير عليك ولا أرفع السيف عنهم حتى افنيهم عن آخرهم فقال أبو عبيدة والله ما ظننت أن تخالفني إذا عقدت عقدا ورأيت رأيا فالله الله في أمري فوالله لقد حقنت دماء القوم عن آخرهم واعطيتهم الأمان من الله جل جلاله وأمان رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد رضي من معي من المسلمين والغدر ليس من شيمنا قال وارتفع الصياح بينهما وقد شخص الناس اليهما وخالد مع ذلك لا يرجع عن مراده ونظر أبو عبيدة إلى ذلك فرأى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مع خالد وهم جيش البوادي من العرب مشتبكون على قتال الروم ونهب أموالهم قال فنادى أبو عبيدة واثكلاه خفرت الله ونقض عهدي وجعل يحرك جواده ويشير إلى العرب مرة يمينا ومرة شمالا وينادي معاشر المسلمين أقسمت عليكم برسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا تمدوا أيديكم نحو الطريق الذي جئت منه حتى نرى ما نتفق أنا وخالد عليه فلما دعاهم بذلك سكتوا عن القتل والنهب واجتمع اليهما فرسان المسلمين والامراء وأصحاب الرايات مثل معاذ بن جبل رضي الله عنه ويزيد بن أبي سفيان رضي الله عنه وعمرو ابن العاص رضي الله عنه وشرحبيل بن حسنة رضي الله عنه وربيعة بن عامر رضي الله عنه وعبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أجمعين ونظرائهم والتقوا عند الكنائس واجتمع هناك فرسان للمشورة والمناظرة فقالت طائفة من المسلمين منهم معاذ بن جبل ويزيد بن أبي سفيان الرأي أن تمضي إلى ما أمضاه أبو عبيدة بن الجراح وتكفوا عن القتال للقوم فان مدن الشام لم تفتح ابدا وهرقل في أنطاكية كما تعلمون وان علم أهل المدن صالحتهم وغدرتم لم تفتح لكم مدينة صلحا ولان تجعلوا هؤلاء الروم في صلحكم خير من قتلهم ثم قالوا لخالد أمسك عليك ما فتحت بالسيف ويعينك أبو عبيدة بجانبه واكتبا إلى الخليفة وتحاكما اليه فكل ما أمر به فعلناه فقال لهم خالد بن الوليد قد أجبت إلى ذلك وقبلت مشورتكم فأما أهل دمشق فقد امنتهم الا هذين اللعينين توما وهربيس وكان هربيس هو المؤمر على نصف البلدة ولاه توما حين رجع الامر اليه فقال أبو عبيدة ان هذين أول من دخل في صلحي فلا تخفر ذمتي رحمك الله تعالى فقال خالد والله لولا ذمامك لقتلتهما جميعا ولكن يخرجان من الأمير أبا سليمان قوله قول وعهده عهد ولا يقول الا الصدق قال فانطلق توما
(٨١)