وخذوا الزاد وسيروا قال فسار خالد واخذ عساكر الزحف وهم أربعة آلاف فارس فامرهم ان يسيروا ويخففوا حمل الزاد ففعلوا ذلك وخالد ومن معه قد ساروا ويونس الدليل امامهم وهو يتبع اثار القوم وقد أوصى خالد أبا عبيدة على المدينة والمسلمين قال زيد بن طريف وكان يونس دليلنا قال فرأى اثار القوم وانهم إذا سقط منهم حمل جمل تركوه وسار خالد ومن معه كلما دخلوا بلدا من بلاد الروم يظنون أنهم من العرب المتنصرة من لخم وجذام حتى أشرف بهم الدليل على ساحل البحر ونوى ان يطلب الأثر وإذا بالقوم قد عدوا أنطاكية ولم يدخلوها خيفة الملك قال فوقع للدليل عند ذلك حيرة في امره فعدل إلى قرية هناك وسأل بعضا من الناس فأخبروه ان الخبر قد أتصل إلى الملك بأن توما وهربيس قد سلما دمشق للعرب فنقم عليهما ولم يدعهما يأتيان اليه وذلك أنه جمع الجيوش وأرسلها إلى اليرموك فخاف أن يتحدثوا بشجاعة العرب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فتضعف قلوبهم فبعث إلى توما ومن معه ان يسيروا إلى القسطنطينية فلما علم يونس ان القوم عدلوا واخذوا في طلب التحيز فكر في ذلك وغاب عن المسلمين قوقف خالد وصلى بالناس وإذا بيونس قد اقبل وقال أيها الأمير اني والله قد غررت بكم وبلغت الغاية في الطلب قال خالد وكيف الامر قال أيها الأمير تبعثني في اثارهم في هذا المكان رجاء ان ألحقهم وان الملك منعهم من الدخول إلى أنطاكية لئلا يرعبوا عسكره وأمرهم أن يطلبوا القسطنطينية وقد قطع بينكم وبينهم هذا الجبل العظيم وأنتم في جبل هرقل وهو يجمع عسكره ويسير إلى حربكم واني خائف عليكم ان تركتم هذا الجبل خلف ظهوركم هلكتم وبعد هذا فالامر إليك وكل ما أمرتني به فعلت قال ضرار بن الأزور فرأيت خالدا وقد انتقع لونه كالخضاب وكان ذلك منه جزعا وما عهدت به ذلك فقلت يا أمير على ماذا عولت فقال يا ضرار والله ما فزعت من الموت ولا من القتل وانما خفت ان يؤتى المسلمون من قبلي واني رأيت قبل فتح دمشق مناما أفزعني وانا منتظر تأويله وأرجو ان يجعل الله لنا خيرا وينصرنا على عدونا فقال ضرار خيرا رأيت وخيرا يكون إن شاء الله تعالى فما الذي رايت قال رايت المسلمين في برية قفرة ونحن سائرون فبينما نحن كذلك وإذا بقطيع من حمر الوحش كثيرة عظيمة أجسامها مهزولة اخفافا وهي لا تكدم برماحنا ونحن نضربها بأسيافنا وهي لا تكترث فيما نزل بها من الأذى ولا تهلع مما ينزل فلم نزل مثل ذلك حتى اجتهدنا واجتهدت خيولنا وأني أقبلت على أصحابي وفرقتهم عليها من أربعة جوانب البرية وحملت عليهم فجفلت من أيدينا إلى مضايق وتلال وأودية خصبة فلم نأخذ منها الا اليسير فبينما نحن نطبخ ونشوي لحومها
(٨٥)